وهكذا الصلاة عندما تنطلق من فكر واع مستنير بضوء العقيدة الصحيحة الراسخة فهي تكون صلة وثيقة بمبدأ الكون والإنسان وصلاة له في محراب القلب السليم من الشك والنفاق تثمر الخشوع في النفس وخضوعها لارادة الله سبحانه فلا تتحرك الا في اطار الارادة الإلهية المترجمة بالوظائف الشرعية المتنوعة تبعا لتنوع الملاكات والمقتضيات الداعية لتشريعها ومن المعلوم ان الصلاة عندما تكون كذلك تصبح باعثة بطبعها لفعل المعروف المقرب من الله تعالى وناهية رادعة عن ارتكاب الفحشاء والمنكر المبعد عنه.
واذا اتفق عدم ترتب الاثر المطلوب من هاتين الفريضتين فلم يكن الصوم مثمرا للتقوى والاستقامة في خط السماء ولم تكن الصلاة ناهية عن المنكر والفحشاء ـ في بعض الاحيان نتيجة عدم العصمة فلا يكون ذلك كاشفا عن فقد صفة التقوى والعدالة بالكلية اذا كان الطابع العام للمسلم المصلي الصائم هو الاستقامة في درب الهدى وصراط الشرع المستقيم وكان مبادرا للعودة الى الله سبحانه من باب التوبة التي تمحو الذنب وتجعل صاحبه بمنزلة غير المذنب للحديث المروي عن اهل البيت عليهمالسلام.
« التائب من الذنب كمن لا ذنب له » كما تعيده الى محبة الله ورضوانه لقوله تعالى :
( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (٢٢٢) ) (١).
واما اذا استرسل العاصي في معصيته ولم يبادر الى توبته بشروطها المقررة المحررة في موضعها فذلك يكشف عن عدم تحقق صفة التقوى في نفسه من الاساس وان صلاته وصومه كانا مجرد ممارسة ظاهرية بدنية صادرة بباعث العادة او المحاكاة والتقليد للآخرين من دون نفوذ روحها الى روحه وفلسفتها الى فكره ووعيه ومن الواضح ان العبادات عامة وهاتين الفريضتين
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ٢٢٢.