كما صرح سبحانه بأن الغاية من تشريع فريضة الصلاة هو التوصل الى قوة روحية مانعة من ارتكاب الفحشاء ومخالفة احكام الله تعالى حيث قال :
( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون (٤٥) ) (١).
وهنا سؤال يطرح نفسه ويطلب الاجابة عليه لبيان الحقيقة وكشف الشبهة وحاصل هذا السؤال.
انه كيف نوفق بين القول بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وان الصوم يؤدي الى التقوى واجتناب معصية الله سبحانه كما هو صريح الايتين المباركتين مع ما نراه من حصول عكس ذلك من الكثيرين ممن يصومون ويصلون ولا ينتهون عن الفحشاء والمنكر ولا نرى اثرا للتقوى في سلوكهم الخارجي.
وحاصل الجواب : ان هؤلاء لم يأتوا بالصلاة الحقيقية والصوم الواقعي بل اختصروا على الشكل والصورة المجردة عن الجوهر والحقيقة لان الصوم الحقيقي ينطلق اولا من داخل النفس متمثلا بالتجرد عن كل صفة ذميمة واخطرها صفة الرياء والنفاق وبالتحلي بكل مزية حميدة وابرزها الايمان الصادق والاخلاص لله سبحانه في النية وما يترتب عليها ـ ليكون الصوم بذلك التجرد وهذا التحلي امساكا كاملا عن كل ما يبعد عن الله سبحانه من النية السيئة وما يترتب عليها من الانحراف في السلوك والبعد عن المثل السامية والقيم الرفيعة.
ومن الواضح ان الصوم عندما يكون كذلك يصبح ملازما لصفة التقوى ومستلزما لكل ما يقرب من الله تعالى من فعل المحبوب له المقرب منه وترك المبغوض لديه المبعد عنه.
__________________
(١) سورة العنكبوت ، آية : ٤٥.