دور الصيام في ترسيخ الإيمان والتقوى
وتأتي فريضة الصوم في الدرجة الثانية بعد فريضة الصلاة في ترسيخ ملكة التقوى في نفس المؤمن بسبب ما تقتضيه من كبح لجماحها ومنع لها من تناول ما هي بحاجة ماسة له من الطعام والشراب والمعاشرة الخاصة المعهودة او اصبح حاجة ملحة لها بسبب تعودها عليه وصعوبة تركها له.
وعندما تنتصر النفس في معركة جهادها الاكبر على تلك الميول والحاجات والتقاليد والعادات نتيجة اعتصامها بحبل الله وامتثالها تكليفه خلال ايام شهر رمضان فهي تخرج من هذه المعركة منتصرة وقادرة على الاحتفاظ بهذا النصر بالاستمرار على كبح جماح هوى النفس الامارة بالسوء في كل الشهور والاوقات والاعراض عن كل المحرمات في شهر رمضان وخارجه كما كانت تمتنع عن المفطرات ايام الصيام ـ لان الدافع لامتثال امر الله سبحانه بالصوم والمانع من مخالفته وهو تقواه سبحانه وخوف عقابه مع رجاء ثوابه ـ هو نفسه يبقى مع المكلف دافعا ومانعا بعد ان تترسخ ملكة التقوى في نفسه وتصبح جزءاً من كيانه وقد صرح الله سبحانه في كتابه الكريم بأن الغاية من تشريع فريضة الصوم هي التوصل الى هذه الملكة الثابتة حيث قال سبحانه :
( يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣) ) (١).
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ١٨٣.