وجوب خضوع الطبع لحكم الشرع
وبذلك ندرك السر في امر الله لنا بإخضاع طبائعنا وغرائزنا لعقولنا بعد استضاءتها بنور العلم والعرفان وضوء الهدى والايمان بإعتبار ان العقل الفطري رسول باطني فاذا تلقى وحي الهدى الإلهي وسار في نهجه وخضعت الغرائز له ومشت خلفه على درب التوازن والاعتدال يصبح الإنسان بذلك افضل من الملائكة كما اراد الله له ان يكون.
وقد بين الله سبحانه هذه المرتبة السامية التي يستطيع الإنسان ان يصل اليها ويسمو لها بالتقوى والعمل الصالح ـ بأمره الملائكة بالسجود لاول انسان حمل الامانة وسما الى سماء الفضيلة وهو آدم ابو البشر قال سبحانه :
( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (٣٤) ) (١).
وحيث ان الغرائز التي اودعها الله سبحانه في كيان الإنسان من اجل ان يستثمرها ويوظفها لتحقيق الاهداف الطبيعية التي تمس الحاجة اليها ـ مطبوعة على التوثب والجموح بصاحبها والخروج عن حد التوازن والاعتدال ـ امر الله الإنسان المكلف بوضع حد لطموحها وذلك بتحكيم العقل واخضاعها لتدبيره وقيادته الهادية بعد انقياده لهدى السماء بالايمان الصادق والعمل الصالح ـ ومن المعلوم ان اخضاع الطبائع الجامحة لارشادات العقل والدين الناجحة ـ
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ٣٤.