والإنسان لعبادته وحده لا شريك له كما نص على ذلك في الكثير من آيات كتابه الكريم ولم يخلقه للعبادة الا من اجل ان يتوصل بها الى الكمال والسعادة كما ذكرت ذلك في اكثر من موضع في هذا الكتاب وهي تتحقق بامتثال احكامه بفعل ما امر به وجوبا او استحبابا وترك ما نهى عنه تحريما او كراهة باعتبار ان الله سبحانه لا يأمر بشيء الا لوجود مصلحة فيه كما لا ينهى عن شيء الا لمفسدة تترتب عليه.
والإنسان عندما يلتزم بتطبيق احكام السماء فيفعل الواجبات والمستحبات ويجني فوائدها وبذلك يتجمل بالفضيلة ويترك المحرمات ويسلم من مفاسدها وبذلك يتجرد من الرذيلة فهو بهذا الفعل وذلك الترك يدخل جنة الدنيا ومنها ينطلق الى جنة الخلود قال سبحانه :
( ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ) (١).
وقال سبحانه :
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا (٢) ويرزقه من حيثُ لا يحتسب ) (٢).
هذه بصورة عامة وبالنسبة الى النقطة الخاصة التي احببت التنبيه عليها وهي بيان اسباب المحبة والتراحم وعوامل البغضاء والتصادم فأقول مشيرا الى اهم اسباب الحالتين المحبة والعداوة والاكثر فاعلية وتأثيرا فيهما من اجل ان نوفر الاولى ونجني فوائدها الكثيرة ونتجنب الثانية ونسلم من مفاسدها الخطيرة : ان الله سبحانه حيث اراد برحمته الواسعة وحكمته البالغة ـ ان يسود الامن والاطمئنان وتبرز ظاهرة التضامن والتعاطف بين افراد المجتمع البشري ـ فقد جعل في شريعته الغراء حقوقا وواجبات بين افراد الاسرة
__________________
(١) سورة الاعراف ، آية : ٩٦.
(٢) سورة الطلاق ، آية : ٢ و ٣.