وفي ايديهم الشهادات العالية التي تؤهلهم للقيام بمسؤولية الوظائف المحترمة.
وبذلك تفترق الزينة المعنوية عن المادية التي تعلن في اجواء الشهر المبارك لان الاولى تبقى وتستمر مع اصحابها في كل مكان وزمان ولا تختص بواحد معين منهما والثانية اي الزينة المادية تكون غالبا مختصة بأيام الشهر المبارك وقد تبقى بعدها ولكن الى زمن معين واجل مسمى.
وخلاصة الحديث : ان الاستقبال الحقيقي والاحترام الواقعي لشهر الرحمة والمغفرة يتحقق بالاقبال على صيامه بقلوب عامرة بالايمان والوعي لفلسفته والفوائد الكثيرة المترتبة عليه مع الاحتفاظ بهذه الفوائد بعد تحصيلها منه ويمكن ان يشار اليها بعنوان اجمالي يفيد انها عبارة عن التقوى والعمل الصالح والخلق الفاضل والصحة المادية والمعنوية بمعناها العام.
هذه هي فلسفة الصيام وثمرته اليانعة وحكمته البالغة وزينته الباقية التي تزين كيان الإنسان كله وتبقى معه ملازمة له في كل مكان وزمان.
واما الاستقبال التقليدي الذي يقوم به الكثيرون بتزيين الشوارع والمحلات والمنازل والمدارس والمساجد ونحوها فهو يكون ابتر ناقصا اذا لم يقترن بالاستقبال الحقيقي المعنوي الذي مر بيانه كما ان تلك الزينة المادية تكون ناقصة اذا لم تقترن بالزينة المعنوية التي تتمثل بالتقوى ومكارم الاخلاق ـ حيث تكون مع ذلك الاستقبال التقليدي بمنزلة الصوم الذي لا ينتج لصاحبه الغاية المقصودة منه وهي التقوى والعمل الصالح والخلق الفاضل كما تقدم وقد اشار ابو العلاء الى هذا النوع من الصوم بقوله :
ما الدين صوم يذوب الصائمون له |
|
ولا صلاة ولا صوف على الجسد |
وإنما الدين ترك الشـر مطـرحا |
|
ونفضك الصدر من غل ومن حسد |
وبقوله ايضا مخاطبا العابد الجاهل بفلسفة العبادة وجوهرها :
صل وصم وطف بمكة ناسكا |
|
سبعين لا سبعا فلست بناسك |