يقدر عليه ، كما أشارت إليه صحيحة عبد الرحمن (١) المتقدمة (٢).
أمّا الجهل بأصل التحريم ، فهو من قبيل الجهل بالحكم الشرعيّ ، وهو عذر ؛ لكونه جاهلا (٣) ساذجا كما تقدّم بيانه. وربما اعتبر البناء على الظن ، كما في القبلة ، لما ورد من أنه مع جهلها يتحرى جهده (٤) ، وربما اعتبر البناء على اليقين (٥) والقطع كمن فاتته صلاة من الخمس لا يعلمها بعينها ، فإنه يجب عليه الإتيان بالجميع ، ولو بالترديد فيما اتّفق عدده منها.
وبالجملة ، فالحكم في متعلّقات الحكم الشرعي غير منضبط على وجه واحد ، بل يجب الرجوع في كلّ فرد فرد إلى الأخبار الواردة فيه ، وما تنصّ به في ذلك ، وأمّا فيه نفسه فلم يعتبر الشارع فيه إلّا البناء على اليقين والعلم ، وإلّا فالتوقّف والاحتياط.
نعم ، مع الجهل الساذج يحصل العذر ، كما عرفت.
الفائدة الثانية : بعض صور الاحتياط
قد عرفت أن الحكم بالنسبة إلى الجاهل ـ بمعنى الظانّ أو الشاك في الحكم الشرعي عند تعذّر العلم والسؤال ـ هو الاحتياط ، وهو واجب بالنسبة إليه ، متى كان الأمر كذلك ؛ إذ الظاهر أنه حكم الله سبحانه في حقّه كما أن حكم العالم العمل بما أوجبه علمه. وله صور عديدة لا بأس بالإشارة إلى شيء منها ، وعسى أن نفرد لتحقيقه على حياله درة من درر هذا الكتاب بتوفيق الملك الوهاب :
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٢٧ / ٣ ، باب المرأة التي تحرم على الرجل فلا تحل له أبدا ، وسائل الشيعة ٢٠ : ٤٥٠ ـ ٤٥١ ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ، ح ٤.
(٢) انظر الدرر ١ : ٨٩ / الهامش : ٢.
(٣) في «ح» : جهلا.
(٤) انظر وسائل الشيعة ٤ : ٣١٤ ، أبواب القبلة ، ب ١٠.
(٥) في «ح» : التعيين.