الكتاب (١) لما فيها من مزيد النفع لذوي الألباب من الطلاب.
وملخص ذلك أن من جملة ما يستحب التنزه عنه ما إذا حصل الشكّ باحتمال النقيض لما قام عليه الدليل الشرعي من الأفراد احتمالا مستندا إلى بعض الأسباب المجوّزة ، كما إذا كان مقتضى الدليل إباحة شيء وحليته على الإطلاق ، لكن يحتمل قريبا بواسطة بعض الأسباب الظاهرة أن بعض أفراد ذلك المطلق مما حرمه الشارع ولم يعلم به المكلف ، فإن مقتضى الورع والتقوى في هذا الباب هو الكف عنه والاجتناب ، ومنه جوائز الظالم ونحوها. وعلى هذا يحمل خبر مسعدة المتقدم آنفا.
أمّا إذا لم يحصل للمكلف ما يوجب الشكّ والريب فإنه يعمل على ما ظهر له من الدليل وإن احتمل النقيض في الواقع ، ولا يستحب له الاحتياط هنا ، ولا يكون ذلك في شيء من الشبهة بفرديها ، بل ربما كان الاحتياط هنا مرجوحا. وهذا كالحلال المختلط بالحرام إذا كان غير محصور كما تدل عليه بعض أخباره ، حيث تضمّن بعض منها المنع عن السؤال عما يشترى من سوق المسلمين أخذا بالحنفية السمحة ، كصحيحة البزنطي ، وبعض أخبار الجبن (٢) ، والتجنب في القسم المذكور من فردي الشبهة على جهة الورع ، والتقوى في الدين دون الوجوب كما في الفرد المتقدم كما هو واضح مستبين ، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق أحكامه.
ختام به إتمام في ذم تصدي غير العالم للفتيا والقضاء
يشتمل على جملة من الأخبار المانعة عن التهجم والقدوم على الحكم بين الناس والفتوى إلّا لمن تردّى برداء العلم والعمل والتقوى زيادة على ما قدّمنا من
__________________
(١) انظر الدرر ٢ : ١١٣ ـ ١٢٧ / الدرّة : ٢٤.
(٢) وسائل الشيعة ٢٥ : ١١٧ ـ ١١٩ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١ ، ح ١ ، ٢ ، ٥ ، ٧.