ووجه التقريب فيها أنها قد اشتملت على الذم بالنسبة إلى من استند في حكمه إلى الآراء والأهوية والقياسات والاستحسانات ، والأمر بالأخذ بما في (الكتاب) العزيز والسنّة المطهرة حسب ما قلناه ، ونهج ما ادّعيناه بطريق ظنّيّ غالب أو قطعي جازم. هذا ما خطر بالبال في دفع هذا الإشكال ، والله سبحانه وأولياؤه أعلم بحقيقة الحال.
الفائدة السادسة عشرة : في أن المتشابه يرد حكمه إلى الله
قد دل الخبر المذكور على أن الحكم في المتشابه ، هو التوقف والرد إلى الله عزوجل وإلى أئمة الهدى ، صلوات الله عليهم. وقد استفاضت بذلك الأخبار ، ففي كتاب (الأمالي) لشيخنا الصدوق رحمهالله بسنده إلى جميل بن صالح عن الصادق عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الامور ثلاثة : أمر تبيّن لك رشده فاتبعه ، وأمر تبيّن لك غيّه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه (١) فردّه إلى الله عزوجل» (٢) الخبر.
وروى في كتاب (الخصال) بسنده إلى أبي شعيب يرفعه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» (٣).
وروى الشيخ قدسسره في كتاب (الأمالي) في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهماالسلام عند وفاته : «أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها».
إلى أن قال : «والصمت عند الشبهة» (٤).
وروى في كتاب (المحاسن) بسنده عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام قال : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه» (٥).
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) الأمالي : ٣٨١ ـ ٣٨٢ / ٤٨٦.
(٣) الخصال ١ : ١٦ / ٥٦ ، باب الواحد.
(٤) الأمالي ٧ : ٨.
(٥) المحاسن ١ : ٣٤٠ / ٦٩٩.