ممّن تأخر عنه ـ من أن وجوب الحكم على القاضي بعد شهادة العدلين ليس من حيث إنها توجب (١) حصول الظنّ ، بل من حيث إن الشارع جعلها سببا لوجوب الحكم على القاضي كما جعل دخول الوقت سببا لوجوب الصلاة (٢). انتهى.
وأيّده بعض من تأخر عنه ، بأن كثيرا ما لا يحصل الظنّ بشهادتهما لمعارضة قرينة حاليّة مع وجوب الحكم على القاضي (٣). انتهى.
ومثله يأتي في ما ذكرنا من الأسباب ، كما لا يخفى على ذوي الألباب. وبذلك يظهر أن الأظهر في معنى الخبر المذكور هو أن المراد بالعلم فيه ما هو المتبادر من لفظه وهو اليقين والقطع ، لكن لا بالنظر إلى نفس الأمر من حيث هو ؛ إذ لا مدخل له كما عرفته في الأحكام الشرعيّة ، بل بالنظر إلى الأسباب التي جعلها الشارع مناطا للنجاسة وعلم المكلّف بها ، فيقين النجاسة والطهارة إنّما يدور على ذلك وجودا وعدما. وحينئذ ، فالظاهر شرعا هو ما لا يعلم المكلّف بملاقاة النجاسة له ، لا ما لم تلاقه النجاسة مطلقا ، والنجس هو ما علم المكلّف نجاسته (٤) بأحد تلك الأسباب ، لا ما لاقته النجاسة مطلقا.
تتميم قبول قول المالك في الطهارة والنجاسة
ظاهر كلام الأصحاب ـ قدّس الله أرواحهم ـ الاتّفاق على قبول قول المالك في طهارة ثوبه وإنائه ونجاستهما. وناقش فيه بعض أفاضل متأخري المتأخرين ، حيث قال : (وأما قبول قول المالك عدلا كان أو فاسقا فلم نظفر له على حجّة ، وقد يؤيّد بما رواه في (التهذيب) عن إسماعيل بن عيسى ، قال : سألت
__________________
(١) في «ح» : موجب.
(٢) الفوائد المدنيّة : ٩١ ، وفيه نسبة القول للسيد المرتضى أيضا عن المعالم.
(٣) الفوائد المدنيّة : ٩١.
(٤) في «ح» : بنجاسته.