المعنى المشهور ـ وهو ما قال به الأكثر والجمهور ـ لعله اصطلاح حادث. ولعل هذا أقرب الاحتمالات في المقام ، كما يعطيه سياق الخبر.
أو يقال بحمل الشاذّ المخالف على ما وافق روايات العامة وأخبارهم وإن رواه أصحابنا ، بمعنى (١) طرح الخبر الموافق لهم إذا عارضه خبر مشهور معروف بين الأصحاب. وذلك لا ريب فيه كما تدلّ عليه الأخبار الدالة على حكم الترجيح بين الأخبار. والظاهر بعد هذا الوجه بما اشتملت عليه الرواية من العرض على مذهب العامة وأخبارهم.
الفائدة الرابعة عشرة : في الردّ على من قال بالتثنية في الأحكام
قد دلّ هذا الخبر (٢) على التثليث في الأحكام الشرعية ، ومثله أخبار اخر أيضا تقدّم نقل شطر منها في الدرة (٣) الموضوعة في البراءة الأصليّة ، وبذلك قال جل أصحابنا الأخباريين (٤) ، وجملة من الاصوليين منهم شيخ الطائفة في (العدة) (٥) وشيخه المفيد قدسسرهما (٦) كما تقدم نقله في الدرّة المشار إليها.
وفي الخبر المذكور مع تلك الأخبار المشار إليها ردّ على من ذهب إلى التثنية من أصحابنا الاصوليين ، وأنه ليس إلّا الحلال والحرام عملا بالبراءة الأصليّة. وفيها ردّ أيضا عليهم من حيث عملهم على البراءة الأصليّة وجعلهم لها من المرجّحات الشرعية ، حتى إنهم يطّرحون في مقابلتها الأخبار الضعيفة بزعمهم ، بل الموثّقة كما لا يخفى على من لاحظ كتبهم الاستدلالية. فإن فيه :
__________________
(١) في «ح» بعدها : وجوب.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، باب اختلاف الحديث ، تهذيب الأحكام ٦ : ٣٠١ / ٨٤٥.
(٣) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرّة : ٦.
(٤) الفوائد المدنيّة : ١٤١.
(٥) العدة في اصول الفقه ٢ : ٧٤١ ـ ٧٤٢.
(٦) التذكرة بأصول الفقه (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) ٩ : ٤٣.