لا يسوغ حينئذ العمل بالمرجّحات كما تقدم بيانه.
ولعل من الظاهر في ذلك موثقة سماعة المتقدّمة في الوجه الثاني نقلا من كتاب (الاحتجاج) (١) ، حيث إنه عليهالسلام نهى عن العمل بواحد منهما حتى يلقى صاحبه ـ يعني الإمام عليهالسلام ـ فلما قال له السائل : إنه (لا بدّ من العمل بأحدهما) ، ولا يمكنه التأخير ، أمره بما فيه خلاف العامة. وظاهره أنه مع إمكان الرجوع فلا يرجح بمخالفة مذهب العامة ولا غيره ؛ إذ لعل الحكم يومئذ هو العمل بما عليه العامة.
الفائدة التاسعة : في أن من طرق الترجيح الأخذ بالمتأخر
روى ثقة الإسلام قدسسره في (الكافي) بسنده عن الحسين بن المختار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ، ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه ، فبأيّهما كنت تأخذ؟». قال : كنت آخذ بالأخير. فقال لي : «يرحمك الله» (٢).
وروى فيه أيضا بسنده عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم [ف] بأيهما نأخذ (٣)؟ قال : «خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ... خذوا بقوله».
قال : ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : «انا والله لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم» (٤).
قال في (الكافي) بعد نقل هذا الخبر : (وفي حديث آخر : «خذوا بالأحدث») (٥).
ويستفاد من هذين الخبرين أن من جملة الطرق المرجّحة عند التعارض
__________________
(١) انظر الدرر ١ : ٢٩٦ / الهامش : ٣.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ / ٨ ، باب اختلاف الحديث.
(٣) في «ح» : اخذ.
(٤) الكافي ١ : ٦٧ / ذيل الحديث : ٩ ، باب اختلاف الحديث.
(٥) المصدر نفسه.