الأيام وإن عزّ الآن ، كما سيظهر لك مما يأتي في المقام.
تتميم نفعه عميم (١) في بيان ما يستعلم به أهلية المجتهد
المرجع في استعلام من له أهلية الحكم والفتوى ـ وهو من اتّصف بما قدمنا من العلوم والملكة مع تسربله بسربال الورع والتقوى ـ إمّا إلى المعاشرة التامة من مثله في العلم والعمل ، أو شهادة عدلين بذلك ، أو عرض فتاويه مع فتاوى من تكون له تلك القوة القدسية والملكة العلمية ، أو عمل أهل العلم بأقواله وفتواه.
ولا فرق في العمل بقوله بين كونه حيا أو ميتا.
وما ذكره بعض الأصحاب من الاكتفاء برؤيته متصدّرا ، ناصبا نفسه للفتوى والحكم ، وإقبال الناس عليه ، فلا يخفى ما فيه من عظم المحنة والبلوى ، سيما في مثل هذا الزمان الذي عزّ فيه الورع والتقوى.
قال بعض فضلاء متأخّري المتأخرين ـ ونعم ما قال ـ بعد ذكر ما يدخل في هذا المجال ما صورته : (ولا عبرة بإجماع (٢) العوام عليه ، ولا بسؤالهم منه ؛ فإن مدارهم الاعتماد على الامور الظاهرية ؛ من ذلاقة اللسان ، وعظم الجثمان ، وإقبال السلطان ، وكونه ابن فلان ، أو أخا فلان ، وغير ذلك من الأسباب والاعتبارات الدنيوية. وعسى لا يعتقد عامي في عالم ورع ساكت غير متبحر بالفتاوى كونه عالما أصلا ، ويجزم بكون رجل جاهل مدع للعلم مفت بكل ما يسأل عنه أنه أعلم أهل زمانه ، خصوصا إن انضمّ إليه رجحان من الجهات الدنيوية. وذلك ظاهر مما يشاهد في كلّ الأزمنة وجميع الأمكنة) انتهى.
أقول : لقد تقاعدت الهمم في هذا الزمان عن نصرة الدين المبين ، والسعي في
__________________
(١) تتميم نفعه عميم ، من «ح» وفي «ق» تتميم يعقبه غنم.
(٢) في «ح» : باجتماع.