القربة إليه سبحانه ، لا لغرض من الأغراض الباطلة. وفي الخبر : «ليس العلم بكثرة التعلم ، وإنّما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد» (١).
وقد أشرنا آنفا إلى ما تحصل به الملكة المذكورة إن ساعد التوفيق.
وأمّا المجتهد المطلق الذي ذكره ، فمن الظاهر لذوي الأذهان أنه لا وجود له في الأعيان ؛ وذلك لما علم من الآيات القرآنية والأخبار المعصومية من أنه لا واقعة إلّا وفيها خطاب شرعي ، ولا قضية إلّا ولها حكم قطعي ، وأن كثيرا من ذلك في زوايا الخفاء عند أهل العباء ، وأن الخطابات الخارجة عنهم عليهمالسلام فيها المتشابه والمحكم ، والمجمل والمبين ك (القرآن) ، وأنه يجب التوقف والرد اليهم في كلّ واقعة لا يعلم حكمها ، مع ما عرفت في درتي الاستصحاب (٢) والبراءة الأصليّة (٣) من أنه لا اعتماد عليهما في الأحكام الشرعية ، وعمومات (الكتاب) والسنّة (٤) ، ومع تسليم جواز العمل بها لا تفي بجميع الأحكام ، فأين تيسّر المجتهد المطلق ، والباب كما ترى دونه مغلق؟ على أن جملة من المجتهدين قد توقّفوا في كثير من المسائل.
وقد ذهب جمع من علماء العامة إلى تعذّر وجود المجتهد المطلق ، كالآمدي (٥) من الشافعية ، وصدر الشريعة من الحنفية ، على ما نقله بعض الأصحاب (٦) عنهما مع كثرة طرق الاستنباط عندهم ، فكيف لا يكون عندنا والحال كما ذكرنا متعذّر (٧)؟ وأمّا المتجزئ في بعض الأحكام فهو غير عزيز المرام في سابق هذه
__________________
(١) مشكاة الأنوار : ٥٦٣ / ١٩٠١ ، منية المريد : ١٤٩ ، بحار الأنوار ١ : ٢٢٥.
(٢) انظر الدرر ١ : ٢٠١ ـ ٢٢٢ / الدرّة : ٩.
(٣) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرة : ٦.
(٤) في «ح» : السنة والكتاب.
(٥) الإحكام في اصول الأحكام ٤ : ٢٩٨.
(٦) عنهما في الفوائد المدنيّة : ١٣٢ ، الاصول الأصيلة : ١٥٨.
(٧) انظر : الفوائد المدنيّة : ١٣١ ، الأصول الأصيلة : ١٥٦ ـ ١٥٨.