وأمّا ما ذكره شيخنا ثقة الإسلام من التخيير وعدم الترجيح بتلك الطرق ، فهو وإن كان لا يخلو من قوّة ؛ لما عرفت آنفا ، إلّا إن الظاهر أنه مبنيّ على عدم إمكان (١) الترجيح بتلك القواعد المذكورة كما قدمنا بيانه ، ومع إمكان الترجيح بها ينبغي أن يقدم ثم يصار بعد عدم إمكان ذلك إلى الاحتياط دون التخيير ، حيث إن أخبار الاحتياط (٢) عموما وخصوصا أكثر عددا وأوضح سندا وأظهر دلالة.
وأمّا الترجيح بالأوثقيّة والأعدليّة ، فالظاهر أنه لا ثمرة له بعد الحكم بصحة أخبارنا الّتي عليها مدار ديننا ومنها مأخذ شريعتنا. ولعل ما ورد في المقبولة المذكورة محمول على الحكم والفتوى كما هو موردها ، أو يقال باختصاص ذلك بزمانهم عليهمالسلام ، قبل وقوع التقية في الأخبار وتصفيتها من شوب الأكدار ، والله تعالى وأولياؤه أعلم.
الفائدة الثالثة عشرة : في إطلاق المشهور على المجمع عليه
قد عبر في المقبولة المذكورة عن المجمع عليه بالمشهور ، وهو لا يخلو بحسب الظاهر من نوع تدافع وقصور. ويمكن الجواب عن ذلك إما بتجوز إطلاق المجمع عليه على المشهور.
أو بأن يقال : يمكن أن يكون الراوي لما هو خلاف المجمع عليه ؛ قد روى ما هو المجمع (٣) عليه أيضا ، فأحد الخبرين مجمع عليه بلا إشكال ، وما تفرد بروايته شاذّ غير مجمع عليه. وحينئذ ، فيصير التجوز في جانب الشهرة.
أو بأن يقال بمرادفة المشهور للمجمع عليه ، فإن تخصيص المشهور بهذا
__________________
(١) في «ح» بعدها : ذلك.
(٢) انظر وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ ـ ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢.
(٣) في «ح» : مجمع.