فعل وجوديّ لا يقطع بجوازه عند الله ، كأخبار التثليث (١) المستفيضة الآتية إن شاء الله تعالى.
وحينئذ ، فيجب تقييد تلك الأخبار بهذه (٢) ، بمعنى : أن البيان والعلم بالحكم حاصل بالتوقّف ، والاحتياط الذي قد أشارت إليه هذه الأخبار ؛ فإنه أحد الأحكام الشرعيّة كما سيتّضح لديك إن شاء الله تعالى. على أن الإباحة الشرعيّة أحد الأحكام الخمسة المتوقّفة أيضا على دليل ، ولا يكفي في ثبوتها فقط دليل التحريم. وهذا هو الظاهر عندي من الأخبار بعد إرسال جياد الفكر (٣) في هذا المضمار.
أدلّة القائلين بحجّية البراءة الأصليّة
وتنقيح المقام (٤) إنما يتمّ بنقل حجج الطرفين ، وما يرد عليها من الكلام في البين ، فنقول : اعلم أنه قد استدلّ القائلون بحجّية البراءة الأصليّة بوجوه :
أحدها : أن هذه الأشياء منافع خالية من أمارات المفسدة ، فكانت مباحة ، كالاستظلال بحائط الغير ، وقال (٥) بعضهم في تقرير هذا الكلام : إنها منافع خالية من الضرر على المالك (٦).
وثانيها : قوله تعالى (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٧) خرج منه ما خرج بدليل ، فبقي الباقي.
وثالثها : قول الصادق عليهالسلام : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٨).
__________________
(١) انظر الدرر ١ : ٢٤٩ / الهامش : ١ ، ٢.
(٢) في «ح» : بعدّه.
(٣) في «ح» : التفكر.
(٤) في «ح» : الكلام.
(٥) من «ح» ، وفي «ق» : فقال.
(٦) الفوائد المدنيّة : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
(٧) البقرة : ٢٩.
(٨) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٢٨٩ ، أبواب القنوت ، ب ١٩ ح ٣.