الشرعيّ في كلّ فرد فرد من القضايا معلوم بتلك الأخبار ، فعدم الاطّلاع عليه لا يدلّ على العدم.
نعم ، يرجع الكلام إلى عدم ثبوت التكليف بالحكم ، لعدم (١) الوقوف على الدليل ، فتصير حجّية (٢) البراءة الأصليّة من هذا القبيل ، وبذلك تعلق بعض فضلاء متأخري المتأخرين وإن كان خلاف ما عليه العلماء جيلا بعد جيل.
والتحقيق أنه لا يخلو من إجمال يحتاج إلى تفصيل ، وذلك أنه إذا (٣) كان الحكم المطلوب دليله هو الوجوب ، فلا خلاف ولا إشكال في انتفائه ، حتى يظهر دليله لاستلزامه التكليف به بدون الدليل الحرج ، وتكليف ما لا يطاق كما عرفت ، لا من حيث عدم الدليل ، كما ذكروا ، بل من حيث عدم الاطّلاع عليه ، إذ (٤) لا تكليف إلّا بعد البيان ، و «الناس في سعة ما لم يعلموا» (٥).
و «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٦).
و «رفع القلم عن تسعة أشياء ...» وعد منها (٧) «ما لا يعلمون» (٨).
كما قد وردت بجميع ذلك النصوص ، وإن كان هو التحريم المستلزم نفيه للإباحة الذي هو محلّ الخلاف بين الأصحاب والمعركة العظمى في هذا الباب.
فهذه الأخبار ولو سلّمنا دلالتها عليه كالأوّل ـ وإن تفاوت دلالتها في الموضعين ـ إلّا إنها يعارضها ما (٩) ورد عنهم عليهمالسلام ، ممّا دل على وجوب الاجتناب عن كلّ
__________________
(١) في «ح» : بعدم.
(٢) في «ح» : حجيته.
(٣) في «ح» : إن.
(٤) في «ح» : ان.
(٥) الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢ ، باب نوادر كتاب الأطعمة وفيه : «هم في سعة حتى يعلموا» ، عوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ / ١٠٩ ، وفيه : «إن الناس في سعة ما لم يعلموا».
(٦) التوحيد : ٤١٣ ، ب ٦٤ / ٩.
(٧) في «ح» : منهم.
(٨) التوحيد : ٣٥٣ ، ب ٥٦ / ٢٤ ، الفقيه ١ : ٣٦ / ١٣٢ ، وفيهما : «وضع عن أمّتي تسع ...».
(٩) في «ح» : معارضة بما ، بدل : يعارضها ما.