ورابعا : أنه لو تم له ما ذكره في المقبولة المذكورة ، فلا يتم له في غيرها من الأخبار المتقدم ذكرها ، والله العالم.
الفائدة الخامسة عشرة : في أن الأحكام غير المتيقنة من الشبهات
المفهوم من المقبولة المذكورة وكذا من غيرها من الأخبار الدالة على التثليث في الأحكام ، وقولهم فيها : «حلال بيّن وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك» (١) ، وقولهم عليهمالسلام : «أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل فيرد حكمه إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآله» (٢) أن ما ليس من الأحكام بمتيقّن ولا بمجزوم به عنهم عليهمالسلام فهو داخل في الشبهات وإن كان مظنونا ؛ [فـ] (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٣) كما ورد في كلام الملك العلام.
ويعضد ذلك ما ورد من الآيات (٤) والروايات (٥) الدالة على النهي عن القول بغير علم في الأحكام. وهو مشكل أي إشكال ، والداء فيه عضال وأي عضال ، إذ ادّعاء الجزم والقطع في جلّ الأحكام لا يخلو عن مجازفة وإن ادعاه أقوام :
أمّا أولا ، فلما عليه الأخبار من الاختلاف والتناقض في جل الموارد ، مع تعسر الجمع بينها غالبا إلّا على وجه ظنّيّ غايته الغلبة على بعض الأفهام. والاعتماد على المرجّحات الشرعية المرويّة (٦) عن الأئمّة عليهمالسلام قد عرفت ما فيه في الفائدة العاشرة. على أنه وإن حصل الترجيح بأحدها فالظاهر أنه لا يزيد على غلبة الظن في ذلك المقام ، ولا يوصل إلى حدّ الجزم بتلك الأحكام ، بعد ما عرفت من النقض والإبرام.
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، باب اختلاف الحديث.
(٣) يونس : ٣٦.
(٤) انظر الهامش السابق.
(٥) انظر وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٠ ـ ٣١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٤.
(٦) انظر الروايات الواردة في الفائدة العاشرة.