وأمّا ثانيا ، فلأن جملة من الأخبار قد دلت على أن كلامهم عليهمالسلام ينصرف على وجوه (١) لهم في كلّ واحد منها المخرج ، وأنه لا يكون الرجل فقيها حتى يعرف معاريض كلامهم (٢). وستأتيك جملة من الأخبار إن شاء الله تعالى في الدرة (٣) الموضوعة في البحث مع صاحب (الفوائد المدنية) في هذا المقام.
وأمّا ثالثا ، فلما ورد في جملة من الأخبار أنهم عليهمالسلام كانوا يكلّمون الناس على قدر عقولهم (٤) ، ويجيبون على الزيادة والنقصان (٥).
وأمّا رابعا ، فلأن دلالة الألفاظ ظنيّة ، وقيام الاحتمالات وشيوع المجازات ـ بل غلبتها على الحقائق ـ امور ظاهرة للممارس ، وقصارى ما يحصل بمعونة القرائن الحالية أو المقالية إن وجدت ؛ هو الظن ، ويتفاوت قربا وبعدا وشدة وضعفا باعتبارها ظهورا وخفاء وكثرة وقلة كما لا يخفى ذلك كله على من جاس خلال الديار ، وتدبر فيما جرت عليه العلماء الأبرار من وقت الغيبة الكبرى إلى هذه الأعصار وإن تحذلق متحذلق من متأخّري المتأخرين فادّعى حصول القطع له في الأحكام واليقين ، وشنع على من خالفه في ذلك من المجتهدين ، كما بسطنا الكلام معه في بعض درر هذا الكتاب ، وأوضحنا ما في كلامه من الخلل والاضطراب.
ويمكن الجواب عن ذلك بعد تقديم مقدمة في المقام بأن يقال : إنه لا ريب في اختلاف العقول والأفهام المفاضة من الملك العلام على كافة الأنام ، كما استفاضت به أخبار أهل الذكر عليهمالسلام ، فإن منها ما هو كالبرق الخاطف ، ومنها ما هو
__________________
(١) معاني الأخبار : ١ / ١ ، بحار الأنوار ٢ : ١٨٣ ـ ١٨٤ / ٣.
(٢) معاني الأخبار : ٢ / ٣ ، بحار الأنوار ٢ : ١٨٤ / ٥.
(٣) انظر الدرر ٢ : ٧ ـ ٣٢ ، الدرّة : ١٩.
(٤) الكافي ١ : ٢٣ / ١٥.
(٥) الكافي ١ : ٦٥ / ٣ ، باب اختلاف الحديث.