ولو كان عليه دلالة غير تلك الأدلّة ، لما كانت أدلّة الشرع منحصرة فيها (١) ، لكن (٢) قد بيّنّا انحصار الأحكام في تلك الطرق ، وعند هذا يتم كون ذلك دليلا على نفي الحكم) (٣) انتهى.
مناقشة المصنف رحمهالله لكلام المحقق قدسسره
وهذا الكلام لا يخلو من إجمال ، وتعدّد الاحتمال ؛ فإنه إن أراد حصر الأدلّة الشرعيّة بالنسبة إلى ما يعمّ به البلوى من الأحكام ، كوجوب قصد السورة ، ووجوب قصد الخروج بالتسليم ونحو ذلك. فالاستدلال بها صحيح ؛ لأن المحدّث الماهر إذا تتبّع الأخبار الواردة حق التتبع في مسألة (٤) ـ لو كان فيها حكم مخالف للأصل لاشتهر ؛ لعموم البلوى بها ـ ولم يظفر بما يدلّ على ذلك ، يحصل له الجزم أو الظن الغالب بعدم الحكم ؛ لأن جمّا غفيرا من أصحابهم عليهمالسلام ـ ومنهم الأربعة الآلاف الرجل الذين كانوا من تلامذة الصادق عليهالسلام (٥) ـ كانوا ملازمين لهم عليهمالسلام في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ، وكانت همّتهم وهمّة الأئمّة عليهمالسلام إظهار الدين ، وترويج الشريعة (٦).
وكانوا لحرصهم على ذلك يكتبون كلّ ما يسمعونه حال سماعه ؛ خوفا من عروض النسيان ، وكان الأئمَّة عليهمالسلام يحثّونهم على ذلك. وليس الغرض منه إلّا العمل به بعدهم ؛ لئلّا يحتاج الشيعة إلى التمسّك بما عليه العامّة من الأخذ بالآراء
__________________
(١) في «ح» بعدها : لكن.
(٢) ليست في «ح».
(٣) معارج الأصول : ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٤) في «ح» : في مسألة حق التتبّع ، بدل : حقّ التتبّع في مسألة.
(٥) انظر الإرشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) ١١ / ٢ : ١٧٩ ، إعلام الورى بأعلام الهدى : ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، المعتبر ١ : ٢٦ ، الوافية في اصول الفقه : ١٨٢.
(٦) انظر الوافية في اصول الفقه : ١٢٢.