وسيأتي (١) تحقيقه إن شاء الله تعالى في بعض درر الكتاب (٢).
والمعنى الأوّل الّذي ذكره هو ما ذكرنا من القسم الأوّل من قسمي البراءة الأصليّة ، والثاني وهو الثاني مما ذكرناه من قسميها أيضا.
وكلامه قدسسره في كتاب (الاصول) يشعر بموافقته للمشهور حيث قال : (اعلم أن الأصل خلوّ الذمّة عن الشواغل الشرعيّة ، فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيّا جاز لخصمه أن يتمسّك في انتفائه بالبراءة الأصلية (١) ، فيقول : لو كان ذلك الحكم ثابتا ، لكان عليه دلالة شرعيّة ، لكن ليس كذلك فيجب نفيه. ولا يتم هذا الدليل ، إلّا ببيان مقدمتين :
الاولى : أنه لا دلالة عليه شرعا (٣) بأن نضبط طرق الاستدلالات الشرعيّة ، ونبين عدم دلالتها عليه.
الثانية : أن نبين أنه لو كان هذا الحكم ثابتا ، لدلّت عليه إحدى تلك الدلائل ؛ لأنه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف (٤) [ب] ما لا طريق للمكلّف إلى العمل (٥) به ، وهو تكليف [بـ] ما لا يطاق.
__________________
(١) في «ح» : فسيأتي.
(٢) انظر الدرر ١ : ٢٠١ ـ ٢٢٢ / الدرّة : ٩.
(٣) والظاهر أن منه أيضا الحكم بطهارة الآدمي بالغيبة ؛ فإن الأصل عدم التكليف بالفحص عن ذلك ؛ إذ الحكم المذكور ممّا يعمّ به البلوى أيضا ؛ للقطع والجزم بعدم خلوّ الإنسان من التلوّث بالنجاسة ، وأقلّه البول والغائط اللذين (١) لا ينفكّ [عنهما] (٢) أحد ، فلو لم يحكم بالطهارة فيه بمجرّد الغيبة لامتنع الاعتناء بإمام الجماعة حتّى يسأل عنه ، والحكم باستصحاب النجاسة في نفسه ليس حجّة عندنا.
وبالجملة ، مقدّمة الدليل على ترتّب الطهارة على الفحص والسؤال دليل على العدم. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٤) في «ح» : شرعيا.
(٥) في «ح» : تكليف.
(٦) في «ح» : العلم.
__________________
١ ـ في الأصل : الذي.
٢ ـ في الأصل : عنه.