إحياء شريعة سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله ، وتحصيل الأحكام على الوجه الذي ذكرناه في المقام ، أو ذكره من تقدمنا من علمائنا الأعلام ، وقنعوا بما قنعت به منهم الجهّال في ذلك المجال ، فتصدّروا لهذا المنصب النبويّ وأكثروا فيه من الفتيا في الأحكام ، وخبطوا خبط عشواء في موارد الحلال والحرام ، من غير معرفة لهم في ذلك بدليل ولا وقوف على نهج السبيل ، فتصدّر للحكومة بين الناس من لم يبن على أصل ولا أساس (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (١).
فصاروا إذا وردت على أحدهم القضية هيّأ لها حشوا من المقال ، وأردف الجواب عاجلا بالسؤال ، من غير معرفة بصواب أو ضلال.
والمتورع الفاضل المجتهد (٢) بين العباد إذا وردت عليه المسألة هيأ لها (شرح اللمعة) و (المسالك) ، وبعض شروح (الإرشاد) ، وأصدر الجواب منها من غير علم له بابتنائه على صحة أو فساد (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (٣).
هذا مع أن أصحاب تلك الكتب متفقون على المنع من تقليد الأموات ، كما صرّحوا به في كتبهم الاصولية (٤) من مختصرات ومطوّلات.
على أنه أيضا لا خلاف بين العلماء الأعلام في أنه لا يجوز بناء القضاء والفتوى في الأحكام على التقليد لحيّ كان أو ميت كما عرفت آنفا قبيل هذا الكلام ، بل لا بدّ من أخذ ذلك من الدليل المقرّر عن أهل الذكر عليهمالسلام ، وبذلك استفاضت الآيات القرآنية والأخبار المعصومية (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً
__________________
(١) النحل : ٤٥.
(٢) في «ح» : بزعمه.
(٣) يونس : ٥٩.
(٤) مبادئ الوصول إلى علم الاصول : ٢٤٨ ، إرشاد الأذهان ١ : ٣٥٣ ، مسالك الأفهام ٣ : ١٠٩.