الوقوف فيها على جادّة الاحتياط ، فإنه أحد مواضعه كما حقّقناه في محل آخر.
بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو أن الإرجاء الذي دلت عليه المقبولة (١) المذكورة والتخيير الذي دلّت عليه مرفوعة زرارة (٢) إنّما أمروا به عليهمالسلام بعد تعذّر الترجيح بتلك الطرق المذكورة في الروايتين المشار إليهما ، مع أن جملة من الأخبار قد اشتمل بعضها على الإرجاء ، وبعض على التخيير من غير تقدم شيء من تلك الطرق ، كموثقة سماعة المتقدّمة في الوجه الثامن نقلا من (الكافي) ؛ فإنها قد اشتملت على الإرجاء ، والمرسلة التي بعدها على التخيير ، ورواية حسن ابن الجهم ، والحارث بن المغيرة المتقدمتين في الوجه الثاني (٣) قد اشتملتا على التخيير ، ورواية سماعة المتقدّمة ـ ثمّة أيضا ـ قد دلّت على الإرجاء. ولعل الوجه في الجمع بين هذه الأخبار حمل ما تقدّم فيه الترجيح بتلك الطرق على عدم إمكان الوصول إليه عليهالسلام ، واستعلام الحال منه في ذلك مع إمكان الترجيح بتلك المرجّحات ، وما لم يتقدم فيه شيء من تلك الطرق فبعضه محمول على عدم إمكان الترجيح بشيء من تلك الطرق. وإلّا فالأخبار مستفيضة بالأمر بالعرض على الكتاب وإن لم يكن ثمة معارض في ذلك الباب.
ولعل من الظاهر في ذلك خبر الحسن بن الجهم ، فإنه في صدر الخبر أمر عليهالسلام بالعرض على (الكتاب) ، وفي عجزه خيّره ووسع عليه بأيهما أخذ. فلعل معنى قول السائل في المرة الثانية : (فلا نعلم أيهما الحق) ، أي لا يمكن استعلام الحقّ بشيء من الطرق المرجّحة.
وبعض آخر محمول على إمكان الوصول ، واستعلام الحال من الإمام عليهالسلام ، فإنه
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، باب اختلاف الحديث.
(٢) عوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.
(٣) انظر الدرر ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ الهامش : ١ ، ٢٩٦ / الهامش : ٢.