لا يستدعي الترتيب في وقوع الترجيح بتلك المرجّحات ، وحينئذ (١) فأي طريق اتفق من هذه الطرق عمل عليه.
لا يقال : يلزم الإشكال لو تعارضت الطرق المذكورة بأن كان أحد الخبرين مجمعا عليه مع موافقته للعامة ، والآخر غير مجمع عليه مع مخالفته لهم ، أو أحدهما موافقا ل (الكتاب) مع موافقته للعامة ، والآخر مخالفا ل (الكتاب) والعامة.
لأنا نقول : غاية ما يلزم من ذلك خلوّ الروايتين المذكورتين عن حكم ذلك.
والمدّعى إنما هو دلالتهما على الترتيب في هذه الطرق ، لا الدلالة على عدم الترتيب واقعا ، أو الدلالة عليه.
على أنا نقول : انه مع القول بعدم المخالفة بين الأخبار و (القرآن) (٢) إذا كانت الأخبار مخصصة له كما حققناه في مواضع اخر ، فلا نسلم وجود هذه الفروض المذكورة في أخبارنا المعوّل عليها عندنا ، كما لا يخفى على من جاس خلال (٣) الديار ، وتصفح الأخبار بعين الاعتبار. ومع (٤) وجود ذلك فيمكن القول بأنه متى تعارض طريقان من الطرق المذكورة يصار إلى الترجيح بغيرهما إن أمكن ، أو بهما مع اعتضاد أحدهما بمرجّح آخر من تلك الطرق إن وجد ، وإلّا صير إلى التوقف والإرجاء أو التخيير.
وثانيا بأنه لا يبعد ترجيح العمل بما تضمنته المقبولة المذكورة ، لاعتضادها بنقل الأئمّة الثلاثة (٥) ـ رضوان الله عليهم ـ لها ، بل وغيرهم (٦) أيضا ، وتلقّي
__________________
(١) في «ح» : فحينئذ.
(٢) في «ح» : القرائن.
(٣) في «ح» بعدها : تلك.
(٤) في «ح» بعدها : إمكان.
(٥) الكافي ١ : ٦٧ ـ ٦٨ / ١٠ ، باب اختلاف الحديث ، الفقيه ٣ : ٥ ـ ٦ / ١٨ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ / ٨٤٥.
(٦) الاحتجاج ٢ : ٢٦٠ ـ ٢٦٣ / ٢٣٢ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.