فقد آثر أن يعدّ مجتمع العراق للثورة ، ويعبّئه لها بدل أن يحمله على القيام بها الآن.
كان هذا رأيه في حياة أخيه الإمام الحسن عليهالسلام ، فقد قال لعلي بن محمد بن بشير الهمداني حين فاوضه في الثورة بعد أن يئس من استجابة الإمام الحسن عليهالسلام :
«صدق أبو محمد ، فليكن كلّ رجل منكم حلساً من إحلاس بيته (١) ما دام هذا الإنسان حيّاً» (٢).
يعني معاوية بن أبي سفيان.
وكان هذا رأيه بعد وفاة الإمام الحسن عليهالسلام ، فقد كتب إليه أهل العراق يسألونه أن يجيبهم إلى الثورة على معاوية ، ولكنّه لم يجيبهم إلى ذلك ، وكتب إليهم :
«أمّا أخي ، فأرجو أن يكون الله قد وفّقه وسدّده فيما يأتي ، وأمّا أنا فليس رأي اليوم ذلك ، فالصقوا رحمكم الله بالأرض ، واكمنوا في البيوت ، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّاً» (٣).
وإذاً ، فقد كان رأي الحسين عليهالسلام ألاّ يثور في عهد معاوية ، وهو يأمر أصحابه بأن يخلدوا إلى السكون والهدوء ، وأن يبعدوا عن الشبهات. وهذا يوحي لنا بأنّ حركة منظمة كانت تعمل ضدّ الحكم الاُموي في ذلك الحين ، وأنّ دُعاتها هم هؤلاء الأتباع القليلون المخلصون الذين ضنّ بهم الحسن عليهالسلام عن القتل فصالح معاوية ، وأنّ مهمّة هؤلاء كانت بعث روح الثورة في النفوس
__________________
(١) حلس بالمكان حلساً : لزمه.
(٢) الأخبار الطوال ٢٢١.
(٣) المصدر السابق ٢٢٢.