وقدمت به عليّ رسلكم ، انصرفت عنكم».
فقال له الحرّ بن يزيد :
إنّا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر ، فقال الحسين عليهالسلام : «يا عقبة بن سمعان ، أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ». فأخرج خرجين مملوءين صحفاً فنشرها بين أيديهم (١).
من هنا نستطيع أن نكوّن فكرة عن ضخامة عدد الكتب التي اُرسلت إلى الحسين عليهالسلام تدعوه إلى الثورة وتعده بالنصر. ونلاحظ من ناحية اُخرى أنّ هذه الكتب ليست من أفراد ؛ فقد كانت كتباً من الرجل والاثنين والأربعة والعشرة (٢) ، فلسنا أمام حركة فردية ، وإنّما نحن أمام حركة جماعية قام بها المجتمع العراقي ، أو الكثرة الساحقة من هذا المجتمع ، وهذا نموذج للكتب التي وردت إليه :
«سلام عليكم. أمّا بعد ، فالحمد لله الذي قصم عدوّك وعدوّ أبيك من قبل ، الجبّار العنيد ، الغشوم الظلوم ، الذي انتزى على هذه الأمّة فابتزّها أمرها واغتصبها فيئها ، وتأمّر عليها بغير رضاً منها ، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها ، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها ، فبعداً له كما بعدت ثمود. وإنّه ليس
__________________
(١) الطبري ٤ / ٣٠٣ والكامل ٣ / ٢٨٠ ، وأعلام الوري ٢٢٩ ، وأعيان الشيعة نفس الجزء والصفحة ، والأخبار الطوال نشرة دار الكتب : ٢٤٩.
(٢) انظر : تأريخ الطبري ٤ / ٢٦٢ ، وجاء في أعيان الشيعة : «وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوي ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن شداد الأرحبي ، وعمارة بن عبد الله السلولي إلى الحسين عليهالسلام ومعهم نحو مئة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة والعشرة ، وهو مع ذلك يتأبّى ولا يجيبهم ، فورد عليه في يوم واحد ستمئة كتاب ، وتواترت الكتب حتّى اجتمع عنده في نوّب متفرّقة اثنا عشر ألف كتاب».