بهذا الكلام فضح الحسين عليهالسلام الزُّخرف الديني في الحكم الاُموي ؛ فليس إنساناً عاديّاً هذا الذي ثار على هذا الحكم ، إنّه ركيزة من الركائز التي قام عليها الإسلام .. الدين الذي يُبرّر به هذا الحكم وجوده. ومن ناحية اُخرى أشعرهم أنّ الظلم يجب أن يُقابل بالثورة والاحتجاج .. بالعمل الانتحاري (الاستشهادي) حتّى ولو كان هذا الظلم صادراً من جهاز حكم يحكم باسم الدين ؛ لأنّ الحكم بمُجرّد أن يظلم يتنكّر للدين.
إنّ بعض أدعياء البحث العلمي يرون أنّ الحسين عليهالسلام وقف هذا الموقف ليستدرّ الرحمة ، ثمّ يقولون : ما كان أغناه عن ذلك. ولكنّهم بعيدون جدّاً عن فهم هذا اللون من مواقف الأبطال العقائديين ؛ لو أراد الحسين عليهالسلام أن يستدرّ الرحمة وينجو بحياته لاكتفى بأدنى من هذا ، لبايع يزيد ، لذهب إلى عبيد الله بن زياد ، لكتب إلى يزيد يستأمنه ويعطيه البيعة ، لكلّم في ذلك عمر بن سعد سرّاً. لو أراد الرحمة لفعل شيئاً من ذلك ، ولكنّه توجّه بخطابه إلى الجنود ... الجنود الذين يعلم أنّهم مأمورون ، وأنّهم لا يملكون أن يفعلوا ما يُريدون ، توجّه إليهم ليؤكّد في أذهانهم ومشاعرهم الحقيقة التي ستُرعبهم وستُرعب المجتمع الإسلامي كلّه بعد قليل ... الحقيقة الصارخة بأنّه ومَنْ معه منحدرون من هذه الاُصول العريقة في تاريخ الإسلام ؛ محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، علي ، فاطمة ، جعفر ، حمزة عليهمالسلام. إنّه يُقرّر في أذهانهم أنّهم لا يطلبونه بقتيل قتله منهم ، ولا بمال احتجبه عنهم ، ولا بجراحة أصاب بها أحدهم ، وإنّما يطلبونه لأنّه ثار على الحكم الاُموي الفاسد ، هذا الحكم الذي يُصرّ على قتله باسم الدين وهو في مركزه الديني العظيم.
على هذا النحو ينبغي أن يُفهم هذا النصّ وغيره من النصوص. وانتهت فاجعة كربلاء بمصرع الحسين عليهالسلام وآله وصحبه ، ولكنّ نضال بقية آل البيت عليهمالسلام في سبيل إشعار المسلمين بالزيف الديني الذي يقوم عليه الحكم الاُموي ، وفي سبيل بثّ الوعي في هذه الجماهير لم ينته ، ولكنّ النضال مُنذ اليوم لن يأخذ