الأصحاب ، وما في الشرح والروضة من التقييد بالإمام العادل ، وكذا هو في الأمّ والمختصر مرادهم إمام أهل العدل ، فلا ينافي ذلك. ويدلّ لذلك قول المصنّف في شرح مسلم : إنّ الخروج على الأئمّة وقتالهم حرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين».
وقال الشيخ عمر النسفي في كتابه «العقائد النسفية» :
«ولا ينعزل الإمام بالفسق ـ أي الخروج على طاعة الله تعالى ـ والجور ـ أي الظلم على عباده تعالى ـ ؛ لأنّ الفاسق من أهل الولاية عند أبي حنيفة ...». وقد علّل ذلك بأنّه قد ظهر الفسق واشتهر الجور من الأئمّة والأمراء بعد الخلفاء الراشدين ، والسلف كانوا ينقادون لهم ولا يرون الخروج عليهم ...!!!
وقال الباجوري في حاشيته على شرح الغزّي :
«فتجب طاعة الإمام ولو جائراً. وفي شرح مسلم : يحرم الخروج على الإمام الجائر إجماعاً» ...
وهذا فقيه آخر يقول في كتاب مجمع الأنهر وملتقى الأبحر :
«والإمام يصير إماماً بالمبايعة معه من الأشراف والأعيان ، وبأن ينفذ حكمه في رعيته ؛ خوفاً من قهره وجبروته ، فإن بويع ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه عن قهرهم لا يصير إماماً ، فإذا صار إماماً فجار لا ينعزل إن كان له قهر وغلبة ، وإلاّ ينعزل» (١).
هذه الفتاوى وأمثالها التي تُحرّم ثورة العادلين على الظالمين الفاسقين ، والتي تجعل مبرّر السيطرة على الحكم القدرة على قهر الرعية وظلمها والجور فيها ، ما أنزل الله بها من سلطان ، وإنّما هي النتاج الخبيث للنظرة الدينية إلى
__________________
(١) راجع بحثاً مفصلاً عن هذا الموضوع في كتابنا (نظام الحكم والإدارة في الإسلام) في الصفحات / ٩٧ ـ ٩٩ و ١٠٣ ـ ١٠٤ و ١٠٧ ـ ١١٢ وغيرها.