ولا ينال الناس العاديون شيئاً من اهتمامهم ، بينما يقصرون هذا الاهتمام على البارزين من القادة وإن كان الدور الحقيقي في المعركة هو ما يقوم به هؤلاء الناس العاديون. على أنّ أخبار ثورة كربلاء استهدفت لحملة من السلطة الحاكمة فأهمل المؤرّخون الرسميون ذكر كثير من تفاصيلها الدقيقة ذات المغزى.
* * *
ولقد عملت هذه الأخلاق الجديدة عملها في اكتساب الحياة الإسلاميّة سمة كانت قد فقدتها قبل ثورة الحسين عليهالسلام بوقت طويل ، وذلك هو الدور الذي غدا الرجل العادي يقوم به في الحياة العامّة بعد أن تأثّر وجدانه بسلوك الثائرين في كربلاء ، وقد بدأ الحكّام المُجافون للإسلام يحسبون حساباً لهؤلاء الرجال العاديين ، وبدأ المجتمع الإسلامي يشهد من حين لآخر ثورات عارمة يقوم بها الرجال العاديون على الحاكمين الظالمين وأعوانهم ؛ لبُعدهم عن الإسلام ، وعدم استجابتهم لأوامر الله ونواهيه في سلوكهم. ثورات كانت روح كربلاء تلهب أكثر القائمين بها ، وتدفعهم إلى الاستماتة في سبيل ما يرونه حقّاً.
ولقد تحطّمت دولة اُميّة بهذه الثورات ، وقامت دولة العباسيِّين بوحي من الأفكار التي تُبشّر بها هذه الثورات ، ولمّا تبيّن للناس أنّ العباسيين كمَنْ سبقهم لم يسكنوا بل ثاروا ... واستمرت الثورات التي تقودها روح كربلاء بدون انقطاع ضدّ كلّ ظلم وطغيان وفساد.