سكون المجتمع عنهم من وخز الحكم الاُموي دائماً ، وبذلك لا يخلو الجو تماماً للحكّام الاُمويِّين. ولكن وصيته لم تُمتثل ، فتكتّل المجتمع ضدّهم وحاربهم ، ومع ذلك ظلّوا شوكة في جنب الحكم الاُموي دائماً ، ولكنّهم لم يُؤثّروا فيه لأسباب تقدّم ذكرها.
* * *
ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسين عليهالسلام في بعث روح الثورة في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أنّ هذا المجتمع أخلد إلى السكون عشرين عاماً كاملة قبل ثورة الحسين عليهالسلام ، لم يقم خلالها بأيّ ثورة على توفر الدواعي إلى الثورة خلال هذه الأعوام الطوال.
فمنذ قتل أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وغدا أمر الحكم للاُمويِّين خالصاً ، إلى حين ثورة الحسين عليهالسلام لم يقم في هذا المجتمع أيّ احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والتقتيل وسرقة أموال الأمّة التي كان يقوم بها الاُمويّون وأعوانهم ، بل كان موقف السادة من هذه الأفاعيل هو إيجاد المُبرّرات الدينية والسياسية ، وكان موقف الجماهير هو موقف الخضوع والتسليم. عشرون عاماً على هذا المجتمع ـ من سنة أربعين إلى سنة ستين للهجرة ـ وهذه هي حالته. وتغيّرت هذه الحالة بعد سنة ستين ، بعد ثورة الحسين عليهالسلام ؛ فقد بدأ الشعب يثور ، وبدأت الجماهير ترقب زعيماً يقودها ، هي مستعدة للثورة وللتمرّد على الاُمويِّين في كلّ حين ، ولكنّها تحتاج إلى قائد ، وكلّما وجد القائد وجدت الثورة على حكم الاُمويِّين.
التمرّد الوحيد الذي كان يُصادفه الاُمويّون طيلة هذه العشرين عاماً وعلى فترات متعاقبة هو تمرّد الخوارج ، ولكنّه ـ كما قدّمنا ـ لم يكن مُتجاوباً مع المجتمع الإسلامي فلم يكن ناجحاً ، وكانت السلطة تقمعه بجيوش تُؤلّفها من سكّان البلاد التي ينجم التمرّد فيها. ولكن ما حدث بعد ثورة الحسين عليهالسلام كان شيئاً آخر ، كان تمرّداً يحظى بعطف المجتمع الإسلامي