وقدرهم ألف رجل ، ولم ينفع الوعد ولا الوعيد في ردّهم عن ثورتهم ، فقُمعت الثورة بجيش من الشام بوحشيّة متناهية ، ودعا القائد الاُموي مسلم بن عقبة المُرّي لبيعة يزيد بن معاوية كما نقل الطبري وغيره : دعا الناس للبيعة على أنّهم خول ليزيد بن معاوية ، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء (١).
* * *
وهلك يزيد ، وقد باشر جيشه بقمع ثورة ابن الزّبير في مكة بعد أن فرغ من قمع ثورة المدينة ، وكان ابن الزّبير قد أعلن الخلاف بعد ما بلغه مقتل الحسين عليهالسلام ، ولا يمكن أن نعتبر ثورة ابن الزّبير امتداداً لثورة الحسين عليهالسلام ؛ فقد كان ابن الزّبير يعد العدّة للثورة قبل مقتل الحسين عليهالسلام ، وكانت أطماعه الشخصيّة في الحكم هي بواعثه على الثورة ، وكان يرى في الحسين عليهالسلام منافساً خطيراً كما عرفت ، فلمّا بلغ خبر مقتل الحسين عليهالسلام أهل مكة وثب إليه أصحابه وقالوا : أظهر بيعتك ؛ فإنّه لم يبقَ أحد إذ هلك الحسين ينازعك الأمر ، ولكنّه قال لهم : لا تعجلوا (٢). حتّى إذا كانت سنة خمس وستين بُويع له في الحجاز والعراق ، والشام والجزيرة (٢).
وما نشكّ في أنّ استجابة الناس للثورة التي دعا لها ابن الزّبير كان مبعثها هذه الروح الجديدة التي بثّتها ثورة الحسين عليهالسلام الدامية في نفوس الجماهير ، وقد مرّ عليك آنفاً كيف أثّر التوابون في الكوفة على الحكم الاُموي بحيث أعدّوا الناس لتقبّل حكم ابن الزّبير وطرد عامل بني اُميّة على العراق.
__________________
(١) الطبري «ثورة المدينة» ٤ / ٣٦٦ ـ ٣٨١.
(٢) المصدر السابق ٤ / ٣٦٤.
(٣) المصدر السابق ٤ / ٤٠٨.