وقد كان السبب المباشر لاشتعال الثورة هو وفد أهل المدينة إلى يزيد ؛ فقد أوفد عثمان بن محمد بن أبي سفيان والي المدينة إلى زيد وفداً من أهلها فيهم عبد الله بن حنظلة الأنصاري غسيل الملائكة ، وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ، والمُنذر بن الزّبير ، ورجالاً من أشراف أهل المدينة ، فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم ، فلمّا رجعوا قدموا المدينة كلّهم إلاّ المنذر بن الزّبير ؛ فإنّه قدم العراق. فلمّا قدم اُولئك النفر الوفد المدينةَ قاموا في أهل المدينة وأظهروا شتم يزيد وعيبه ، وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين ؛ يشرب الخمر ، ويضرب بالطنابير ، ويعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسعر عنده الحراب ـ وهم اللصوص ـ وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه. وقام عبد الله بن حنظلة الغسيل ، فقال :
جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم ، وقد أعطاني وأكرمني وما قبلت عطاءه إلاّ لأتقوى به.
فخلعه الناس وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على خلع يزيد وولّوه عليهم.
وأمّا المنذر بن الزّبير فقدم المدينة فكان ممّن يُحرّض الناس على يزيد ، وقال :
«إنّه قد أجازني بمئة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره وأصدقكم عنه ؛ والله إنّه ليشرب الخمر ، والله إنّه ليسكر حتّى يدع الصلاة».
وعابه بمثل ما عابه به أصحابه وأشدّ.
وثارت المدينة على الحكم الاُموي ، وطرد الثائرون عامل يزيد والاُمويِّين ،