الحجّاج ومَنْ معه من أهل الشام وخلع عبد الملك. وسبب إسراع أهل البصرة إلى مساندة الثورة هو الظلم والجوع ؛ فقد كتب عمّال الحجّاج إليه أنّ الخراج قد انكسر ، وأنّ أهل الذمّة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار. فكتب إلى البصرة وغيرها : مَنْ كان له أصل في قرية فليخرج إليها ، فخرج الناس فعسكروا ، فجعلوا يبكون وينادون : يا محمداه! يا محمداه! وجعلوا لا يدرون أين يذهبون ، فجعل قرّاء أهل البصرة يخرجون إليهم مُتقنّعين فيبكون لما يسمعون منهم ويرون ، فقدم ابن الأشعث على مجتمع معبّأ ينتظر قائداً ، فاستجاب المجتمع هذه الاستجابة السريعة ، واستبصر قرّاء البصرة في قتال الحجّاج مع عبد الرحمن بن الأشعث.
وقد استمرت هذه الثورة من سنة ٨١ هـ إلى سنة ٨٣ هـ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثمّ قضى عليها الحجّاج بجيوش سورية (١).
هذه هي ثورة عبد الرحمن بن الأشعث ، وهي ثورة قام بها العرب ولم يقم بها الموالي. قام بها العرب العراقيون الذين ساءت حالتهم الاقتصادية إلى حدّ مروّع ، والذين استُخدموا في الفتوح الاستعمارية دون أن يحصلوا على غنائمها ، والذين كان عليهم أن يُحاربوا مقابل جرايات ضئيلة لا تكفي ، بينما يفوز بالمغانم والأعطيات الكثيرة الجنود السوريون الذين تركهم الحجّاج في العراق ؛ ليستعين بهم على قمع الثورات التي يقوم بها العراقيون (٢).
__________________
(١) الطبري «ثورة ابن الأشعث».
(٢) كتب ولهاوزن عن هذه الثورة بوعي وفهم. راجع الدولة العربيّة : ١٨٩ ـ ٢٠٣.