الحسني على المأمون.
كان محمد بن إبراهيم هذا يمشي في بعض طريق الكوفة إذ نظر إلى عجوز تتبع أحمال الرطب فتلقط ما يسقط منها فتجمعه في كساء عليها رثّ ، فسألها عمّا تصنع بذلك ، فقالت : إنّي امرأة لا رجل لي يقوم بمُؤنتي ، ولي بنات لا يعدنَ على أنفسهنَّ بشيء ، فأنا أتتبع هذا من الطريق وأتقوّته أنا وولدي.
فبكى بكاءً شديداً ، وقال :
«أنتِ وأشباهك تُخرجوني غداً حتّى يُسفك دمي. ونفذت بصيرته في الخروج» (١).
فلمّا أعلن أمره خطب الناس ودعاهم إلى البيعة ، وإلى الرضا من آل محمد ، والدعاء إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والسيرة بحكم الكتاب ، فبايعه جميع الناس حتّى تكابسوا وازدحموا عليه (٢).
ومات إبراهيم بن محمد بعد نشوب الثورة بقليل فلم تخمد ، وإنّما قام عليها من بعده علي بن عبيد الله العلوي (٣).
وشملت الثورة العراق والشام ، والجزيرة واليمن (٤).
ونقرأ عن هذه الثورة فنعجب بأخلاق الثائرين الجياع ، وبضبطهم لأنفسهم ؛ لقد أمسك هؤلاء الثائرون عن النهب والسلب بعد أن هزموا عدوّهم واستولوا على حصنه بمجرد أن أمرهم قائدهم بأن يُمسكوا (٥).
__________________
(١) مقاتل الطالبين ، ٥٢١.
(٢) مقاتل الطالبين ، ٥٢٣.
(٣) المصدر السابق ، ٥٣١ ـ ٥٣٢.
(٤) المصدر السابق ، ٥٣٣ ـ ٥٣٤.
(٥) المصدر السابق ٥٢٥.