إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليهالسلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جُعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه. منهم ؛ أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير» (١).
وقد استعمل معاوية هؤلاء الأشخاص في سبيل إيجاد تبرير ديني لسلطان بني اُميّة ، أو على الأقل لكبح الجماهير عن الثورة برادع داخلي هو الدين نفسه ، يعمل مع الروادع الخارجية : التجويع ، والإرهاب ، والانشقاق القبلي ، هذا بالإضافة إلى مهمّة أساسية أخرى ألقاها معاوية على عاتق هؤلاء الأشخاص ، وهي اختلاق «الأحاديث» التي تتضمّن الطعن في علي عليهالسلام وأهل بيته ، ونسبتها إلى النبي صلىاللهعليهوآله ويوضّح لنا النصّ الآتي مدى اتّساع الشبكة التي كوّنها معاوية ، ومدى تجاوبها مع رغباته.
كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة :
«أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً من فضائل أبي تراب وأهل بيته».
فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون علياً ، ويبرءون منه ... وكتب إلي عماله أن لا تقبلوا لأحد من شيعة عل وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم :
«أن انظروا مَنْ قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ، والذين يروون فضائله ومناقبه فادنوا مجالسهم ، وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه ، واسم أبيه ، وعشيرته».
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦١.