سَمعَ واعيتنا ولم ينصُرنا أكبّه الله على مَنخرَيه في النار» (١).
الأمر الثالث : طَلبُ الناصر من الجيش المعادي الواقف أمامه في ذلك الحين ؛ وذلك لنتيجتين : لأنّهم كلّهم حين يسمعون ذلك فإمّا أن يستجيب منهم أحد أولا ، فإن لم يستجب كان هذا النداء حُجّة عليه وقهراً له في الآخرة ، وتركيزاً لأهميّة عقابه ، وإن استجاب بعضهم كان ذلك النداء رحمةً له وسبباً لتوبته وهدايته ، كما تابَ الحرّ الرياحي رضوان الله عليه ساعتئذ ، وأثّر هذا النداء في نفسه تأثيره الصحيح (٢).
ويكفينا أن نتصوّر : لو أنّ عدداً مهمّاً من الجيش المُعادي قد التحقَ بالحسين عليهالسلام ، أو التحقَ الجيش كلّه ، كيف سيكون حال التاريخ الإسلامي عندئذٍ؟ ولكنّهم على أيّ حال لم يكونوا يستحقّون التوبة ولا الرجوع عن الحوبة (قبّحهم الله).
ولا ينبغي أن يخطر على البال : أنّه من خطل القول طلبُ النصرة من الأعداء مباشرة ، ولم يحصل مثل ذلك خلال التاريخ البشري.
وجوابهُ : إنّ ذلك مُنطلِق من عدّة أُسس ، ولا يمكن أن تكون موجودة في غير الحسين عليهالسلام :
الأساسُ الأوّل : إنّهم جميعاً يعلمونَ شأنهُ العظيم وقُربه إلى الرسول صلىاللهعليهوآله ، وفاطمة الزهراء ، وإنّه سيّد شباب أهل الجنّة وغير ذلك ممّا لا يخفاهم أجمعين.
الأساسُ الثاني : إنّ التعاليم العسكريّة في ذلك الحين لم تكن مُتزمّتة وصارمة ودقيقة مثلَ ما عليه هذا اليوم ، بل كان كلّ فردٍ من الجيش لهُ رأيهُ
__________________
(١) أسرار الشهادة : ص ٢٣٣ ، البحار : ج ٤٤ ، ص ٣١٥ ، الخوارزمي : ج ١ ، ص ٢٢٧.
(٢) الطبري : ج ٦ ، ص ٢٤٤ ، اللهوف : ص ٤٤ ، ابن الأثير : ج ٣ ، ص ٢٨٨.