السؤال السادس : هل اغتمَّ الحسين عليهالسلام وحَزنَ لوقوع هذا البلاء العظيم عليه وعلى أهل بيته وأصحابه؟
لعلّ من الواضح الجواب بالنفي ؛ لعدّة اعتبارات :
منها : إنّ الحُزن والبكاء فيه إشعار بالاعتراض على الله سبحانه وحاشاه. ومنها : ما ذكرناه فيما سبق من أنّ للشهادة في سبيل الله جانبان : أهمّهما الاستبشار برحمة الله ولطفه ، واستشهدنا على ذلك بعدّة نصوص سابقة.
وأمّا الحُزن والبكاء المطلوب من مُحبّي الحسين عليهالسلام في الشريعة ؛ فلأنّ تكليفه عليهالسلام يختلف عن تكليفنا ، وتقديره غير تقديرنا ، ونظرهُ إلى الأمر غير نظرنا.
أمّا البكاء والحزن ، فهو لنا لأجل تربيتنا دينيّاً وثوابنا أخرويّاً ، وأمّا الاستبشار ، فلهُ ولأصحابه لأجل الشعور بالسعادة بنِعَم الله ورحمته.
وكلّما ازدادَ البلاء كان أكثر نعمة ورحمة كما سُئل صلىاللهعليهوآله : مَن أشدّ الناس بلاءً في الدنيا؟ قال : «النبيّون ، ثُمّ الأمثل فالأمثل» (١) ، ووردَ ما مضمونه أنّه : لولا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق ، لَنَقلهم من الحالة التي هم فيها إلى حالٍ أضيَق منها (٢) ، لمدى ما يريد أن يعطيه من الثواب إلى غير ذلك من النصوص.
ومن علامات ما قلناه : ما وردَ عن عليّ بن الحسين الأكبر أنّه قال لأبيه الحسين عليهالسلام وهو في الرمق الأخير : هذا جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأُ بعدها أبداً (٣).
__________________
(١) أصول الكافي : ج ٢ ، باب شدّة ابتلاء المؤمن ، الحديث ٢٩ ، تُحف العقول للبحراني : ص ٣٣.
(٢) مرآة العقول للمجلسي : ج ٩ ، ص ٣٥٨.
(٣) البحار للمجلسي : ج ٤٥ ، ص ٤٤.