وأضرابهم.
إلاّ أنّنا مع ذلك ينبغي أن نكون حَذرين في النقل لعدّة أمور :
الأمرُ الأوّل : إنّ كثيراً ممّا نَقلوا من الروايات هي ضعيفة السند ومرسلة ، وعلى كلّ تقدير لا يمكن الآخذ بها فقهيّاً.
وقد يخطر في البال : إنّ هؤلاء العلماء هم الذين تكفّلوا صحّتها على عاتقهم ، فهي معتبرة وصحيحة في نظرهم ، وهذا يكفي في النقل وإن كانت مرسلة أو ضعيفة بالنسبة إلينا.
وجوابهُ : بالنفي طبعاً ، يعني لا يكفي ذلك ؛ لأنّ صحّتها التي يعتقدون بها إنّما هي صحّة اجتهاديّة وحدسيّة ، وليست حسيّة لتكون حجّة على الآخرين ، أو قل على الأجيال المتأخّرة ، كما هو مبحوث عنه في علم الأصول.
الأمرُ الثاني : إنّه ينبغي التأكّد من نسبة الكتاب إلى مؤلّفه فقد يكون كلّه مُنتحلاً أو بعضه ، أو يكون مزيداً عليه أو محذوفاً منه وغير ذلك من الاحتمالات ، وإذا وردَ الاحتمال بطل الاستدلال ، ولعلّ أهمّ وأوضح ما هو مشكوك بالنسبة إلى مؤلّفه هو مقتل أبي مخنف ، وهو ممّا يَعتمد عليه الناس كثيراً ، وأبو مَخنف رجل صالح وموثّق ، إلاّ أنّ نسبة كتابه إليه مشكوكة.
الأمرُ الثالث : إنّه ينبغي التأكّد أنّ النقل في الكتاب إنّما هو بنحو الرواية لا بنحو الحدس ؛ فإنّه وجِد خلال التأريخ مَن كَتبَ عن واقعة الطف من زاوية الحَدس والكشف العرفاني لا بنحو الرواية ، وحاولَ فهمها من وجهة نظره تلك ، وهذا هو الذي يبدو من الشيخ التستري في كتابه (الخصائص الحسينيّة) حيث يقول مثلاً : إنّ الحسين عليهالسلام حَصلت له حالة الاحتضار ثلاث مرّات. فإنّ هذا إن صحّ ، فقد أخذهُ بالكشف العرفاني بلا رواية ؛ فإنّه لا توجد أيّة رواية بذلك ، وهكذا كثير من التفاصيل.