البكاءُ على الأموات
وليس المراد البكاء على الأموات حقيقة ، بل البكاء الذي يكون في الظاهر على الحسين عليهالسلام ، وفي القصد الواقعي على الأموات ، فهل يكون الفرد عليه مستحقّاً للثواب أم لا؟ وقد عرفنا قبل قليل عدم استحقاقه للثواب لا محالة ؛ لعدم وجود الإخلاص والقصد القربي لديه ، ولكن وردت في ذلك رواية من حيث إنّ الراوي يسأل الإمام عليهالسلام بما مضمونه : إنّني أبكي على الحسين عليهالسلام فأتذكّر أمواتي فأبكي عليهم ، فأجابهُ بما مضمونه : «نعم ، ابكِ ولو على أمواتك» (١).
وهذه الرواية أيضاً غير معتبرة السند ، ومعهُ يبقى الأمر على القاعدة الأوّليّة وهي عدم وجود الثواب ، إلاّ في بعض الموارد التي نشير إليها فيما بعد.
وإن كانت الرواية معتبرة السند ، فقد تمّ المطلب ، يعني أنّنا نأخذ بمحتواها : وهو وجود الاستحباب حتّى في هذه الصورة ، وهي البكاء على الأموات ، ما دام الظاهر هو البكاء على الحسين عليهالسلام ، والأمر غير خاصّ بواحدٍ معيّن بطبيعة الحال ، فقد يبكي ألف من الموجودين على أمواتهم بهذه الصورة ، وهذا ما يدلّ على أنّ الشارع المقدّس ـ لو صحّت الرواية ـ يريد حفظ الظاهر أو الصورة الظاهريّة لبكاء الناس ، وإن كان قصدهم مختلفاً ، وهذا ليس جزافاً ، بل فيه فوائد وحِكم ومصالح حقيقيّة ، يمكن أن نُدرك منها ما يلي :
أوّلاً : حفظُ تسلسل الشعائر الدينيّة واستمرارها.
__________________
(١) الكافي للكليني : ج ٢ ، ص ٤٨٣ ، بنفس المعنى.