الأمرُ الثاني : إنّه من المروي ، بل المؤكّد حصول بعض المعجزات في ساحة كربلاء يومئذٍ ، حين يوجد شخص أو أكثر ، وربّما مُتعدّدون دعا عليهم الحسين عليهالسلام ، فحصلَ فيه حادث مروّع : كالموت حَرقاً ، أو غرقاً (١) ، أو غير ذلك ، وإذا أمكنت المعجزة هناك مرّة أمكنت مرّات.
وجواب ذلك على مستويين :
المستوى الأوّل : إنّ المروي من أمثال هذه الحوادث قد حَدثت بأسباب طبيعيّة ، مهما كانت ضعيفة ، فهي وإن كانت استجابةً لدعاء الحسين عليهالسلام ومن أقسام المعجزة ، إلاّ أنّ الله سبحانه لم يشأ أن تَحدث فجأة وبدون سبب ، وإذا عُرف السَبب زالَ العَجَب.
المستوى الثاني : إنّنا لو تنازلنا عن المستوى الأوّل وفرضناها معجزات ناجزة ، فيمكننا أن نلتفت إلى أنّ المعجزات على قسمين في حدود ما نستهدفه الآن :
القسم الأوّل : معجزات قد تحصل لإقامة الحجّة على المعسكر المعادي ، لجلب الانتباه إلى أنّ الحقّ إلى جانب الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وتركيز ذلك في
__________________
(١) كالذي جرى مع (ابن جوزة) ، فقد ذَكر السيّد المقرّم في مقتله نقلاً عن مَجمع الزوائد للهيثمي : ج ٩ ، ص ١٩٣ ، ومقتل الخوارزمي : ج ١ ، ص ٢٤٩ ، وروضة الواعظين للفتّال : ص ١٥٩ : (أنّ عبد الله بن جوزة أتى الحسين عليهالسلام وصاحَ : يا حسين ، أبشر بالنار ، فقال الحسين عليهالسلام : «كذِبتَ ، بل أقدِم على ربٍّ غفور كريم. فمَن أنتَ؟» فقال : أنا أبو جوزة ، فرفعَ الحسين عليهالسلام يديه حتّى بانَ بياض إبطيه وقال : «اللهمّ جرّهُ إلى النار» ، فغضبَ ابن جوزة وأقحمَ فرسهُ إليه ، وكان بينهم نهر فسقطَ عنها ، وعَلِقت قدمهُ بالركاب وجالت به الفرس ، وانقطعت قَدمه وساقه وفخذه وبقى جانبه الآخر بالركاب ، وأخذت تضرب به كلّ حجرٍ وشجر ، وألقتهُ بالنار المشتعلة في الخندق.
وكالذي جرى مع محمّد بن الأشعث حينما قال للحسين عليهالسلام : أيّ قرابة بينك وبين محمّد صلىاللهعليهوآله! فدعا عليه الحسين عليهالسلام ، فخرجَ من المعسكر لقضاء حاجته ، فلَدغهُ عقرب أسود لدغة تركتهُ متلوّثاً في ثيابه ممّا به ، وماتَ باديَ العورة (مقتل المقرّم نقلاً عن روضة الواعظين للفتّال : ص ١٥٩ ، الكامل لابن الأثير : ج ٤ ، ص ٢٧).