وهذا لا يتوقف على علم مسلم بن عقيل أو التفاته إلى ذلك ، بل إمّا أن يكون ملتفتاً ، وإمّا أنّ الله سبحانه صَرَفه عن قتله لهذه الجهة ، والاحتمال في ذلك يكفينا لقطع الاستدلال المعاكس ، كما كرّرنا في أمثاله.
الوجه السادس : ما ذكرناه أيضاً هناك من الأمر المربوط بكتابنا (اليوم الموعود) ، فإنّه أيضاً من الأمور المربوطة بتلك الأسس ، فراجع.
السيطرةُ على الكوفة مؤخّراً
إذ قد يخطر على البال : أنّ مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) ، ما دام لم يسيطر على الكوفة في زمن النعمان بن بشير ولم يقتل عبيد الله بن زياد ، فلا أقلّ من أن يحاول السيطرة على الكوفة عندما أصبح ابن زياد حاكماً عليها ، إذ كان الشرّ قليلاً وغير واضح في زمن ابن بشير ، في حين أصبحَ واضحاً في زمن عبيد الله بن زياد ، ومن هنا كانت السيطرة على الكوفة أرجح جدّاً من ذلك الزمن السابق ، فلماذا لم يفعل ذلك مسلم؟
وجوابُ ذلك : إنّه يمكن القول بورود جميع الأجوبة التي قلناها فيما سبق عن سيطرة مسلم بن عقيل في الماضي (يعني في عهد النعمان بن بشير) ، كلّها تأتي عن سيطرته الآن ، مع زيادات معتدّ بها كما سنذكر ، ويكفينا أن نلتفت إلى أنّ زيادة الشرّ تقتضي زيادة الصعوبة في السيطرة ، الأمر الذي يجرّ إلى أمورٍ غير محمودة كما سنرى ، وهذه الصعوبة تتمثّل في أمور :
الأمرُ الأوّل : الزيادة في الضيق لجانب مسلم بن عقيل أعني في الحرّية العامّة ، وإعطاء الجانب الأفضل والتحرّك الأشمل لأعدائه.
الأمرُ الثاني : وجود تجسّس دقيق وكامل على كلّ أقوال وأفعال ابن عقيل وأصحابه ، ويمكن أن تكون العيون كثيرة ، غير أنّ التاريخ ينصّ على واحدٍ بعينه يسمّى (معقل) ، استطاع الوصول بدهاء إلى الدار التي يرتادها مسلم