قليلة جدّاً ، لإمكان السيطرة على قصر الإمارة بسهولة وسرعة مع نجاح الجيش العقيلي وانضباطه.
المستوى الثالث : إنّ تأسيس هذا الجيش ، ليس لكلّ ما ذكرناه ، بل لاستقبال الحسين عليهالسلام به حين يرِد الكوفة ، فَيرِد على جيش منظّم ومن نقطة قوّة عالية وكافية ، وهذا سبب محترم جدّاً لانتصاره وسيطرته على العراق كلّه لو شاء الله لهُ الاستمرار.
ومسلم عليهالسلام وإن لم يصرِّح بذلك لأحدٍ ، لكنّه من الأرجح جدّاً أن يكون قد احتملَ ذلك ، وإذا تمّ لهُ الجيش لم يكن في الإدارة المعادية له في الكوفة أيّة أهميّة عملية وهي ضعيفة عندئذٍ ، بل يمكن السيطرة عليها لحظة ورود الحسين عليهالسلام ، أو قبل ذلك لو اقتضت المصلحة ذلك.
وأمّا الجواب على السؤال الثاني : فلعلّ نفس إثارة السؤال يُعتبر هَذراً وسُخفاً ، وإن كان طالما خطرَ في عددٍ من الأذهان ، لوضوح أنّ العمل الجادّ والحقيقي يكاد أن يكون مستحيلاً في اليوم الأوّل ، حين لم يكن الجيش مرتّباً ولا مضبوطاً لحد الآن ، وإنّما يُعتبر اليوم الأوّل جَمعاً للأفراد وتسجيلاً لهم في هذا الجيش. وينصّ التاريخ أنّ الكوفة بقيت خلال ذلك اليوم في حركة ولغط طيلة ذلك اليوم (١) ، وليس هناك من هدفٍ لهم إلاّ التجمّع وتطبيق الشعار الذي قاله مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) ، وأمّا مسلم نفسه فمعَ استمرار هذا الارتباك واللغط وكثرة الحركة ، فمن المتعذّر عليه إصدار الأمر باحتلال قصر الإمارة بهذه السرعة والسهولة ، ولعلّ فيه أو في خارجه مَن يحارب إلى جانبه فيصل الأمر إلى ما لا تُحمد عُقباه.
ونحن لو التفتنا إلى تفرّق الناس عن مسلم عليهالسلام لمجرّد التهديد
__________________
(١) مقتل الخوارزمي : ج ١ ، ص ٢٠٧ ، مُروج الذهب للمسعودي : ج ٣ ، ص ٦٩.