كانوا يعلمون أنّها غير قابلة للتغيير والتعفّن ، وإلاّ فمن الواضح جدّاً أنّ الرؤوس الاعتيادية سوف لن تعيش تحت الشمس بشكلٍ سليم أكثر من نهار واحد ، ثمّ يكون لها رائحة نتنة غير قابلة للتحمّل بالنسبة إلى حامل الرأس ولا من حوله ، وهذا ما ينبغي أن يكون معلوماً لهم سَلفاً ، ومع ذلك عَزموا على قطعها وتسييرها ، الأمر الذي يدلّ على علمهم بأنّ قضية الحسين عليهالسلام على حقّ وأنّه وأصحابه من الأولياء ، وأنّ أعداءه على خطأ وباطل بما فيهم هم الذين قطعوا الرؤوس. ولا غرابة في ذلك حين نسمع قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) (١) ، وقول بعض أعداءه له : قلوبنا معك وسيوفنا عليك (٢) ، الأمرُ الذي يبرهن أنّهم كانوا يعيشون انشطاراً في الشخصية ، وهذا هو الذي يجعل موقفهم أمام الله سبحانه أشّد مسؤولية وأعظم عقوبة.
فهذه ثمان جهات لأهمّ الأسئلة التي قد قد تُثار حول واقعة الطف وما بعدها ، وأحسبُ أنّ الأمور الأخرى فيها لا تحتاج إلى توضيح ، وإنّما يحتاج القارئ الكريم بالنسبة إليها إلى اطّلاع ؛ لكي يجد مواطن العظمة والجهاد والصبر للحسين وأصحابه سلام الله عليهم أجمعين.
|
حُرّر بتاريخ ١٩ / ٢ / ١٤١٤ هـ محمّد الصدر |
__________________
(١) سورة النمل : آية ١٤.
(٢) العقد الفريد : ج ٤ ، ص ٣٨٤ بتصرّف ، الإرشاد للمفيد : ص ٢١٨ ، ط نجف.