عزَّ وجلَّ.
الفَهم الثاني : أنْ يكون الرضى بمعنى الأمر المرضي ، ويكون (رضى الله) في هذه الجملة خبراً مُقدَّماً. فيكون المعنى : أنَّ الأمر الذي نرضاه نحن أهل البيت يرضاه الله عزَّ وجلَّ. أو قُلْ : هو مرضيٌّ لله عزَّ وجلَّ بدوره.
وهذا أمر صحيح وعلى القاعدة ، مُطابق لما ورد عنهم عليهمالسلام بمضمون : «إنَّنا أعطينا الله ما يُريد فأعطانا ما نُريد» (١) ، فتكون تلك الجملة بمعنى الفقرة الثانية مِن هذه الجملة ، كما هو واضح للقارئ اللبيب.
الفَهم الثالث : أنْ يكون المُراد بالرضى معناه المُطابقي ، وليس الأمر المرضي. ويكون (رضى الله) في هذه الجملة مُبتدأ. وليس خبراً مُقدَّماً.
فيكون المعنى : أنَّ رضى الله سبحانه هو رضى أهل البيت عليهمالسلام. وهذا صحيح أيضاً ومُطابق للقاعدة. إلاَّ أنَّ الفلاسفة والمُتكلِّمين المسلمين قالوا : إنَّه ورد في الكتاب الكريم والسُّنَّة الشريفة ، نسبت كثير مِن الأُمور إلى الله سبحانه كالرضى والغضب ، والحُبِّ والبُغض ، والكِره والإرادة وغير ذلك مِن الصفات (٢). مع أنَّه قد ثبت في مودر آخر ، أنَّ الله تعالى ليس مَحلَّاً للحوادث (٣) ، ويستحيل فيه ذلك : وكلُّ هذه الأُمور مِن قبيل العواطف
__________________
(١) لم نعثر على هذا الحديث بما في أيدينا مِن مصادر التحقيق. ويبدو أنَّ سماحة المؤلِّف قد أخذ هذا المضمون مِن عِدَّة روايات مُجتمعة لا مِن رواية واحدة. والظاهر أنَّ هذه العبارة غير مودجوة نصَّاً في الروايات ، وإنَّما من تعبير المؤلِّف لمضمون عدد مِن الروايات ، وقد أشار إلى ذلك بقوله : (بمضمون).
(٢) وقد استدلُّوا على ذلك بالقرآن الكريم فمًثلاً :
الرضى كما في قوله : (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) البينة آية ٨.
الغضب : كما في قوله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ) النحل آية ١٠٦.
الحُبُّ : كما في قوله : (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة آية ١٩٥.
الكِرْه : كما في قوله : (كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ) التوبة آية ٤٦.
الإرادة : كما في قوله : (وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً) الرعد آية ١١.
(٣) أنظر مثلاً : كشف المُراد للعلاَّمة ص ٢٩٤.