كالمرعى الوبيل ، كما يُستفاد مِن الكلام المروي (١) عنه (سلام الله عليه).
وهذا هدف مُحترم جِدَّاً ، وكان الحسين عليهالسلام أهلاً له ، إلاَّ أنَّني أعتقد أنَّ الإصلاح المقصود على قسمين : إصلاح يحصل منه مُباشرة قبل مقتله ، وإصلاح يحصل مِن المُجتمع بعد مقتله وبسبب شهادته. وهو أيضاً إصلاح منسوب إليه ، ويُمكن أنْ يكون قد تعمَّده واستهدفه.
أمَّا الإصلاح المُباشر في حياته ، فهو لا يُحتمل أنْ يكون هدفاً ؛ لأنَّه فاقد لأحد الشرائط السابقة ـ وهو عدم التحقُّق في المُجتمع ـ وقد كرَّرنا أنَّ الأمر الذي لم يتحقَّق لا يُمكن أنْ يكون هدفاً.
وقد يخطر في البال : أنَّ الإصلاح المُباشر قد حصل خلال الخُطب والأقوال ، التي قيلت مِن قِبَل الحسين نفسه وأصحابه وأهل بيته قبل مقتله ، وهذه تكفي للمُشاركة بالإصلاح مُشاركة فعليَّة وفعَّالة.
وجواب ذلك : أنَّ الخُطب والأقوال قد حصلت فعلاً ، إلاَّ أنَّها كانت مُكرَّسة كلَّها لأجل الحديث عن حركة الحسين وشرح أبعادها والدفاع عنها ؛ ومعه فلا تكون هي الإصلاح المعهود والموعود ، وإنَّما المُتوقَّع هو الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر في جوانب الدين عامَّة وفي فروعه كافَّة. وهو مِمَّا لم يحصل على الإطلاق ؛ لأنَّ الأجل لم يُمهله عليهالسلام وأصحابه للقيام بهذه المُهمَّة الشريفة الموعودة.
وإنَّما الذي حصل هو الهداية والرعاية للبشر ـ دينيَّاً ومعنويَّاً وإنسانيَّاً وأُخرويَّاً ـ بمقتله وشهادته (سلام الله عليه) ؛ إذ أعطى المثال الأعظم للتضحية الضخمة بهذا الصدد ، فكان النبراس الأفضل الذي يُضيء للأجيال طريقهم باستمرار ، وإلى يوم القيامة.
__________________
(١) اللهوف لابن طاووس ص ٣٤ ، الطبري ج ٦ ص ٢٢٩ ، البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٣٨١.