كل شىء وإلهه ومليكه ، وقد جاء هذا الوصف فى محاورات الأنبياء جميعا ، وهو نفس الوصف الذي جاء فى أول السورة على لسان نبينا صلى الله عليه وسلّم ، ومن هذا يعلم أن كل نبى جعل مطمح نظره توجه النفوس إلى علوم السموات والأرض.
ولما أقاموا الدليل على وجوده وصفوه بكمال الرحمة بقولهم :
(يَدْعُوكُمْ) إلى الإيمان به بإرساله إيانا ، لنخرجكم من ظلمات الوثنية ، إلى نور الوحدانية ، وإخلاص العبادة له ، وهو الواحد القهار.
(لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي يدعوكم لمغفرة بعض ذنوبكم ، وهى الذنوب التي بينكم وبين ربكم ، لا المظالم وحقوق العباد.
والمتتبع لأسلوب الكتاب الكريم يرى أن كل موضع ذكر فيه مغفرة الذنوب للكافرين جاء بلفظ (من) كقوله : «وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ» وقوله : «يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ» لأنه يخاطبهم فى أمر الإيمان وحده.
وفى المواضع التي يذكر فيها مغفرة الذنوب للمؤمنين تجىء بدون ذكر (من) كقوله : «ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» لأن المغفرة منصرفة إلى المعاصي ومتوجهة إليها.
(وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي إلى وقت سماء الله ، وجعله منتهى أعماركم إن أنتم آمنتم به ، وإلا عاجلكم بالهلاك وعذاب الاستئصال ، جزاء كفرانكم بدعوة الرسل إلى التوحيد ، وإخلاص العبادة للواحد القهار.
ثم حكى سبحانه رد الأمم على مقالة الرسل ، وهو يتضمن ثلاثة أشياء :
(١) (قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) فلا فضل لكم علينا ، فلم خصصتم بالنبوة ، أطلعكم الله على الغيب ، وجعلكم مخالطين لزمرة الملائكة دوننا ؛ إلى أنه لو كان الأمر