ولا وعيدكم ، بل نتوكل على الله ونعتمد عليه ، ولا نقيم لما تقولون وزنا ولا نأبه به ، وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله حكاية عنهم :
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فى دفع شرور أعدائهم عنهم ، وفى الصبر على معاداتهم.
ثم زادوا أمر التوكل توثيقا وتوكيدا فقالوا :
(وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) أي وكيف لا نتوكل على الله وقد هدانا إلى سبل المعرفة ، وأوجب علينا سلوك طريقها ، وأرشدنا إلى طريق النجاة ، ومن أنعم الله عليه بنعمة فليشكره عليها بالعمل بها.
(وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) أي ولنصبرنّ على إيذائكم بالعناد واقتراح الآيات ونحو ذلك مما لا خير فيه ، وندعوكم لعبادة الله وحده ، ليكون ذلك منا شكرا على نعمة الهداية.
ثم ختموا كلامهم بمدح التوكل وبيان أن إيذاءهم لا يثنيهم عن تبليغ رسالة ربهم فقالوا :
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي وعلى الله وحده فليثبت المتوكلون على توكلهم وليحتملوا كل أذى فى جهادهم ، ولا يبالوا بما يصيبهم من أذى ولا بما يلاقون من صعاب وعقبات.
ومن عنده مال أو علم فلينفع به الناس وليكن كالنهر يسقى الزرع والشمس تضىء العباد ، وليصبر على أذى الناس كما صبر الأنبياء وأوذوا ، فالهداة ما خلقوا إلا ليعملوا فهم هداة بطباعهم ، ولذاتهم فى قلوبهم ومنهم تنتقل إلى الناس.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ