الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧))
تفسير المفردات
لتعودنّ : لتصيرن ، والملة : الدين والشريعة ، والمقام : موقف الحساب ، واستفتحوا :
أي طلبوا الفتح بالنصرة على الأعداء ، وخاب : هلك ، والجبار : العاتي المتكبر على طاعة الله ، والعنيد : المعاند للحق المخالف له ، ومن ورائه : أي من بعد ذلك ينتظره ، والصديد ما يسيل من جلود أهل النار ، يسيغه : أي يستطيبه يقال ساغ الشراب :
إذا جاز الحلق بسهولة ، يأتيه الموت : أي تأتيه أسبابه وتحيط به من كل جهة ، عذاب غليظ : أي شديد غير منقطع.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر مادار من الحوار والجدل بين الرسل وأقوامهم ، وذكر الحجج التي أدلى بها الرسل ، وقد كان فيها المقنع لمن أراد الله له الهداية والتوفيق ، ومن كان له قلب يعى به الحكمة وفصل الخطاب ـ ذكر هنا أنهم بعد أن أفحموا لم يجدوا وسيلة إلا استعمال القوة مع أنبيائهم كما هو دأب المحجوج المغلوب فى الخصومة ، فخيروا رسلهم بين أحد أمرين إما الخروج من الديار : وإما العودة إلى الملة التي عليها الآباء والأجداد ، فأوحى الله إلى أنبيائه أن العاقبة لكم ، وستدور عليهم الدائرة ، وستحلّون محلهم فى ديارهم وسيعذبون فى الآخرة بنار جهنم ، ويرون ألوانا من العذاب لا قبل لهم بها.