(٢) إن قمصهم التي يلبسونها من قطران ، والمراد من ذلك أن جلود أهل النار تطلى بالقطران حتى يعود طلاؤها كالسرابيل ، ليجتمع عليهم أربعة ألوان من العذاب : لذع القطران وحرقته ، وإسراع اشتعال النار فى الجلود ، واللون الأسود الموحش ، وننن الريح.
(٣) إن وجوههم تعلوها النار ، وتحيط بها وتسعّر أجسامهم المسربلة بالقطران ، وإنما ذكرت الوجوه مع أن ذلك يكون لسائر الجسم ـ لكونها أعز الأعضاء الظاهرة وأشرفها.
ونظير الآية قوله : «أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ» وقوله : «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ».
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي فعل الله ذلك بهم جزاء وفاقا بما كسبوا فى الدنيا من الآثام ، لكى يثيب كل نفس بما كسبت من خير أو شر ، فيجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
(إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فيحاسب جميع العباد فى أسرع من لمح البصر ، ولا يشغله حساب عن حساب : كما لا يشغله رزق زيد عن رزق عمرو.
(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) أي هذا القرآن الكريم بلاغ للناس ، أبلغ الله به إليهم فى الحجة ، وأعذر إليهم بما أنزل فيه من مواعظه وعبره.
(وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) عقاب الله ويحذروا به نقمته.
(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أي وليعلموا بما احتج به عليهم من الحجج فيه ، إنما هو اله واحد لا آلهة شتى كما يقول المشركون بالله ، وهو الذي سخر لهم الشمس والقمر ، والليل والنهار ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لهم.
(وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي وليتذكروا ويتعظوا بما احتج الله به من الحجج ، فيزدجروا عن أن يجعلوا معه إلها غيره ، وفى تخصيص التذكر بأولى الألباب إعلاء لشأنهم ، وإيماء إلى أنهم هم أهل النظر والاعتبار.