المخلوقين ، المستعلى على كل شىء بقدرته وجبروته وهو وحده الذي له التصرف فى ملكوته.
وفى هذا إيماء إلى أنه تعالى قادر على البعث الذي أنكروه ، والآيات التي اقترحوها ، والعذاب الذي استعجلوه ، وإنما يؤخر ذلك لمصلحة لا يدركها البشر فيخفى عليه سرها.
وفى معنى الآية قوله «سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ».
ثم بين أن علمه تعالى شامل لجميع الأشياء فقال :
(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) أي من أسر قوله وأخفاه ولم يتلفّظ به ، أو جهر به وأظهره فهو سواء عند الله يسمعه ولا يخفى عليه شىء منه كما قال «وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى» وقال «وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ» قالت عائشة : سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ، والله لقد جاءت المجادلة تشتكى زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأنا فى جنب البيت وإنه ليخفى علىّ بعض كلامها فأنزل الله «قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ ، وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ».
(وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) أي مختف فى عقر داره فى ظلام الليل.
(وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ظاهر ماش فى بياض النهار ، فكلاهما عند الله سواء ، وروى عن ابن عباس فى تفسير ذلك : هو صاحب ريبة مستخف بالليل ، وإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه برىء من الإثم.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) أي للإنسان ملائكة يتعاقبون عليه :
حرس بالليل وحرس بالنهار يحفظونه من المضارّ ويراقبون أحواله ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ أعماله من خير أو شر ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الأعمال ، صاحب اليمين يكتب الحسنات وصاحب الشمال يكتب